للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صحيح العقل لا يعارض صريح النقل]

الذي يؤلم القلب أن الوحي حينما جاءنا ابتداء عن رسول الله أنكرناه بدعوى أن العقل لا يصدق هذا، وبدعوى أن العلم ينكر هذا، وبأننا نعيش عصر الذرة وعصر النووي إلى آخره؛ فلما جاءنا البحث العلمي من إنجلترا ومن ألمانيا يصدق ما أخبر به الصادق النبي صلى الله عليه وسلم صدقناه وقبلناه، ولم نعد ننكر هذا، وهذا هو الخطر العظيم.

فأنا أناشد أحبابنا وإخواننا ممن يقدمون العقل على صحيح النقل وصريحه أن يعلموا أن للعقل مجالاً، وأن للعقل دوره الذي يجب عليه أن يبدع فيه بشرط ألا يتخطاه، وألا يتجاوزه وإلا وقع في خطر عظيم.

المهم أن تسأل: هل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؟ هل هذا ثابت بالدليل القاطع الصحيح عن رسول الله؟ لا حرج عليك أن تسأل مثل هذا، فإن تبين لك بالأدلة المعلومة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بذلك وقد قال ذلك؛ فلا يجوز على الإطلاق أن ترد قول الحبيب بدعوى أن عقلك لا يدرك مثل هذا الطرح، وبدعوى أنك لا تحسن أن تفهمه، لا يجوز ذلك على الإطلاق، فاسأل أهل العلم من المتخصصين في العلم الشرعي وفي العلم الطبي وفي العلم الجيولوجي إن كنت لم تفهمه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:٤٣] .

وأود أيضاً أن أبين لأحبابنا أنه قد يلتبس الأمر على بعض فيقول رجل: يا أخي! أنا لا أقدر أن أشرب السائل الذي وقع فيه الذبابة، فأقول له: لا حرج عليك في ذلك، فأنت بذلك ما كذبت رسول الله، وما أنكرت حديثه، وما رددت قوله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عرض عليه لحم الضب فرده ولم يأكل منه شيئاً، فقالوا: (أحرام هو يا رسول الله؟! قال: لا، غير أني أجدني أعافه) .

فلا حرج عليك على الإطلاق ألا تشرب هذا السائل، لكن الحرج -كما ذكرت- أن ترد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى أن العقل لا يصدق هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>