للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عقيدة أهل السنة في التعامل مع البدع والمبتدعة والعصاة]

قال الشيخ الحافظ أبو بكر الإسماعيلي رحمه الله تعالى في بيان اعتقاد أهل السنة: [ويرون مجانبة البدعة والآثام والفخر والتكبر والعجب والخيانة والدغل والاغتيال والسعاية.

ويرون كف الأذى، وترك الغيبة إلا لمن أظهر بدعة وهوىً ويدعو إليهما، فالقول فيه ليس بغيبة عندهم، ويرون تعلم العلم وطلبه من أهله، والجد في تعلم القرآن وعلومه وتفسيره، وسماع سنن الرسول صلى الله عليه وسلم وجمعها والتفقه فيها، وطلب آثار أصحابه، والكف عن الوقيعة فيهم، وتأول القبيح عليهم، ويكلونهم فيما جرى بينهم على التأويل إلى الله عز وجل مع لزوم الجماعة والتعفف في المأكل] .

من الخصال التي يرونها ويدعون إليها ويعتقدونها مجانبة البدعة أياً كانت، سواءٌ عملية أو عقدية، ومجانبة أهلها والدعاة إليها.

فمن البدع الاعتقادية بدعة الجهمية، والخوارج، والمعتزلة، والأشاعرة، والجبرية، والرافضة، والمرجئة، والمتصوفة، وكذلك البدع الجديدة، كبدعة القبوريين ونحوهم، وبدعة ما يسمى بالبعثيين والعلمانيين وما أشبهها، فإن مجانبتها ومجانبة أهلها من واجبات الإسلام، وذلك لئلا يستحسن ما هو قبيح.

أما البدع العملية فالمراد بها المحدثات في الدين، ولو لم تصل إلى الكفر ولكنها زيادة في الدين، فلا يشاركون أهلها فيها، ولو عرف أن أهلها قد يستحسنونها.

وذلك مثل إحياء ليلة المولد، قد يقولون: ما نحييها إلا بذكر وبقراءة وبصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم! نقول: إنها بدعة، ولو قلتم ما قلتم.

وكذلك أيضاً الذين يحيون أول ليلة جمعة من رجب بصلاة يسمونها صلاة الرغائب، لا شك أن هذه بدعة لم يكن لها أصل في العهد القديم في الإسلام، وإنما حدثت في القرن الرابع وما بعده.

كذلك أيضاً إحياء ليلة الخامس والعشرين من رجب ويسمونها ليلة الإسراء والمعراج، ولا حقيقة لها، ولم يرد ما يدل على إحيائها ولا تخصيصها، وهكذا الاجتماعات التي لا مبرر لها، فهناك بدع كثيرة في الصلوات، والأذكار، والأذان، والجنائز وما أشبهها مذكورة في الكثير من الكتب، ككتاب (السنن والمبتدعات) ، وكتاب (الباعث على إنكار البدع والحوادث) ، وكتاب ابن وضاح (البدع والنهي عنها) ، وما أشبه ذلك.

أما الآثام فالمراد بها المعاصي التي يكون صاحبها آثماً، فكأنه يقول: يحثون على التوبة، ويبعدون صاحبهم ممن يكون منهم عن الذنب الذي يسبب له إثماً وجرماً ووزراً.

والأصل في الإثم أنه يؤثم صاحبه، وقد سمى الله تعالى الميسر والخمر إثماً، أو جعل فيهما إثماً فقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة:٢١٩] ، وقد حرم الله تعالى الإثم، أي: الذنب الذي يؤثم صاحبه، فاقرأ قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ} [الأعراف:٣٣] يعني: والذنب الذي يحصل صاحبه على إثم.

أي: على جرم وعقوبة وأوزار.

والآثام هي الذنوب والأوزار.

<<  <  ج: ص:  >  >>