للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استقبال الزوج والبشاشة في وجهه]

خرج الرجل من عمله متعباً مرهقاً، فقد قضى يوماً شاقاً مليئاً بصخب المراجعين، ومشاكل العمل وكثرة المعاملات، وزاد الزحام في الشوارع تعبه تعباً، ثم فتح باب بيته يريد الهدوء والراحة والسكن النفسي في مملكته الخاصة، فتح الباب فإذا الساحرة أمامه، دخل ليجد السعادة مع زوجته وأطفاله، فإذا زوجته بجمالها تستقبله وقد ارتسمت ابتسامة جميلة على محياها، وإذا هي تطبع قُبلةً حانيةً على خده مهللةً مرحبةً، فوقع السحر ونسي هموم يومه وذهب التعب والإرهاق، يلتفت يمنةً ويسرةً فإذا البيت جميل ونظيف، وإذا الطعام الشهي قد أعد، وإذا بأطفاله كالورود بجمال لباسهم، وإذا بالروائح الزكية تفوح من أركان البيت، فيا لها من سعادة وأنس ورحابة كل ذلك بفضل الله ثم بفضل تلك اللمسات الساحرة من يدي تلك الزوجة الغالية التي تعدل الدنيا وما فيها.

وانظري لزوجة أبي مسلم الخولاني واستقبالها له: فقد كان أبو مسلم الخولاني إذا انصرف من المسجد إلى منزله كبر على باب منزله فتكبر زوجته، فإذا كان في صحن داره كبر فتجيبه امرأته، فإذا بلغ إلى باب بيته كبر فتجيبه امرأته، فانصرف ذات ليلة فكبر عند باب داره فلم يجبه أحد، فلما كان في الصحن كبر فلم يجبه أحد، فلما كان في بيته كبر فلم يجبه أحد، وكان إذا دخل بيته -وهو الشاهد- أخذت امرأته رداءه ونعليه ثم أتته بطعام.

قال: فدخل فإذا البيت ليس فيه سراج، وإذا امرأته جالسة منكسة تنكت بعود معها، فقال لها: ما لك؟ فقالت: أنت لك منزلة من معاوية وليس لنا خادم، فلو سألته فأخدمنا -أي جعل لنا خادماً- وأعطاك، فقال: اللهم من أفسد علي امرأتي فأعم بصره -وقد كان معروفاً بإجابة الدعاء-.

قال: وقد جاءتها امرأة قبل ذلك فقالت لها: زوجك له منزلة عند معاوية، فلو قلت له أن يسأل معاوية أن يخدمه ويعطيه، قال: فبينا تلك المرأة جالسة في بيتها إذ أنكرت بصرها فقالت: ما لسراجكم أطفئ؟! قالوا: لا، فعرفت ذنبها؛ فأقبلت إلى بيت أبي مسلم تبكي تسأله أن يدعو الله عز وجل لها يرد عليها بصرها، قال: فرحمها أبو مسلم فدعا الله عز وجل لها فرد عليها بصرها.

والشاهد أقول: انظري أيتها الأخت الصالحة! كان إذا دخل إلى بيته استقبلته زوجه فأخذت رداءه ونعليه ثم أتته بالطعام.

إذاً فالزوجة الذكية هي التي تعرف كيف تكسب قلب زوجها، وأن تكون دائماً زوجةً جديدةً في حياته، فالكلمة الحلوة زينة، والبسمة المشرقة جمال، والرائحة الطيبة بهجة، والفستان الأنيق واللمسات اللطيفة للشعر والاختيار الموفق لبعض الحلي البسيط المنسجم مع لون البشرة والثوب، والنظافة المستمرة طهارة وعبادة، فأنت حورية الدنيا، وسيدة القصور في جنات النعيم بإذن الله.

تعلمي -أيتها الزوجة! - من القرآن أخلاق الحور، وتسابقي معهن إلى قلب زوجك، واجعلي دنياه جنةً، البسي له الحرير وضعي له العطور وغني له كما تغني الحور:

لزوجة مطيعه عينك عنها راضيه

وطفلة صغيره محفوفة بالعافيه

وغرفة نظيفه نفسك فيها هانيه

ولقمة لذيذه من يد أغلى طاهيه

خير من الساعات في ظل القصور العاليه

تعقبها عقوبة يُصلى بنار حاميه

- صورة بدون تعليق: دخل الزوج إلى بيته، فوجد في المدخل الرئيسي ألعاب وملابس الأطفال مرميةً يمنةً ويسرةً، قابله الأطفال بملابس متسخة وروائح كريهة، وقابلته الزوجة بتكشير وتذمر من الأطفال، وصراخ وشكوى وتبرم وضيق، ووجه عابس غاضب.

وجد البيت فوضى، إزعاج وقذارة وهم وغم، أراد وجبة الغداء وبعد زعيق وصراخ أعدت الغداء، ذهب الرجل إلى غرفته ليأخذ قسطاً من الراحة بعد التعب من الدوام، وجد الغرفة مبعثرةً والسرير غير مرتب وعليه بقايا من بسكويت الأطفال، وربما وجد رضاعة أحد الأطفال على الوسادة، وفرشة الغرفة متسخة، فقد سال عليها حليب أحد الأطفال، فتمنى لو أنه عاد من حيث أتى!!! وبدون تعليق!!

<<  <  ج: ص:  >  >>