للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجور على الخصوم بغير حق]

صورة أخرى: كثير من الجلساء إذا ذُكِر له صديقه أثنى عليه، وإن كان يعلم أنه لا يستحق ذلك الثناء، وإذا ذكر له خصمه ذمه، ولو كان يعلم أنه خلاف ما يقول.

فيا أيها المؤمن! أسألك بالله، هل تستطيع أن تذكر العيوب الموجودة في أقرب الناس إليك عند الحاجة الشرعية لذلك؟ اسأل نفسك، وهل تستطيع أن تثني بصدق على إنسان تختلف معه في بعض الأمور؟! أنا لا أريد الإجابة، ولكن الواقع يشهد أن أكثر الناس يجورون على خصومهم، فيذمونهم بما ليس فيهم، ويجورون أيضاً على أصدقائهم فيمتدحونهم بما ليس فيهم، فإن من أثنى عليك بما ليس فيك فقد ذمك، نعم.

لأن الناس يطلبون هذه الخصلة التي ذكرها فيك، يطلبونها فيك فلا يجدونها فيذمونك على فقدها.

لا.

بل الأمر أدهى من ذلك وأشد؛ فإن الحقيقة أنه كثير ما تنسينا العيوب القليلة المحاسن الكثيرة -انتبهوا لهذه الكلمة- وننسى القاعدة الشرعية: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) .

أفلا نتقي الله عند الجرح والتعديل وننزل الناس منازلهم، أليس قد أثنى صلى الله عليه وسلم على النجاشي ووصفه بأنه (ملك لا يظلم عنده أحد) مع أنه حينها -أي: النجاشي - كان كافراً لم يسلم.

فيا أيها المحب! أسمعت رعاك الله! أنصف الناس، وأنصف نفسك، فإن غلب عليك الهوى فأمسك عليك لسانك لا أبا لك.

<<  <  ج: ص:  >  >>