للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقفة مع غافل عن الله]

الصورة السابعة: شابٌ في زاوية من المسجد، وقد عرفته بفسقه وشدة غفلته، وضع وجهه بين يديه، والدمع يسيل على خديه، وقد أجهش بالبكاء، لعله تلطخ بمعصية، أو تذكر ما سلف من الذنوب والمعاصي.

أثار التذكر أحزانه فثار وأبدى لنا شانه

وقام وستر الدجى مسبل فأسبل بالدمع أجفانه

وبكى ذنوباً له قد مضت فأبكى عداه وخلانه

ومن لم يكن قلبه جمرة فهذا لعمرك قد كان هو

ومن ذا أحق بها من جهول تحقق لله عصيانه

وأخلق في اللهو جثمانه كما أخلق الذنب إيمانه

فلولا تفضل من فضله عرفناه قدماً وعرفانه

لعنى -أي ظهر- على وجهه آية تكون على الخزي عنوانه

شدني إليه شدة مناجاته لربه، علم أن له رباً يغفر الذنب فاستغفره، سارع يقرع الباب لعلمه أن الله سريع الحساب، فذل وانكسر لغافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، تمنيت لو ضممته فقلت له: هنيئاً لك بالتوبة والاستغفار، هنيئاً لك بعينيك اللتين ذرفت الدموع من خشية الله، هنيئاً لك بصيامك وقيامك، وأسأله وهو صاحب الفضل والمن أن يلحقك بركاب الفائزين برمضان.

تمنيت لو ذكرته قول الحق عز وجل: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:٥٣] .

يا رب عبدك قد أتاك وقد أساء وقد هفا

يكفيه منه حياؤه من سوء ما قد أسلفا

حمل الذنوب على الذنوب الموبقات وأسرفا

وقد استجار بذيل عفوك من عقابك ملحفا

يا رب فاعف وعافه فلأنت أولى من عفا

<<  <  ج: ص:  >  >>