للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[محرومون من لذة بر الوالدين والأنس بهما]

ومن الناس من حرم بر الوالدين والأنس بهما، والجلوس معهما وقضاء حوائجهما، حرم المسكين من فضل عبادة قرنت بتوحيد الله عز وجل.

فقد ثنى بهما فقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [النساء:٣٦] ويدل هذا على فضلهما وعظم القيام بحقهما.

اسمع يا من حرمت برهما! قال صلى الله عليه وسلم: (الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه) والحديث في الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

ويروى عن عبد الله بن المبارك أنه بكى لما ماتت أمه، فقيل له؛ فقال: [إني لأعلم أن الموت حق، ولكن كان لي بابان للجنة مفتوحان فأغلق أحدهما] .

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة) كما في مسلم.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه) والحديث متفق عليه، فأي فضل حرمه بعض الناس بغفلته عن بر والديه؟! ومن برهما ميتين: الدعاء لهما وزيارة صديقهما وإنفاذ وعدهما.

إن قصص العقوق التي نسمعها لينفطر لها الفؤاد أسى، وتذوب لها النفس حسرة.

أيها المحروم برهما، إن العقوق من الكبائر، بل لا يدخل الجنة عاق، ويحرم التوفيق بالدنيا، وربما عجلت له العقوبة، وربما ابتلي بأولاده فالجزاء من جنس العمل.

أبو هريرة كان لا يخرج ولا يدخل حتى يسلم على أمه، وكان يحملها وينزلها، فقد كانت كبيرة مكفوفة.

وابن الحنفية يغسل رأس أمه ويمشطها ويقبلها ويخضبها.

وكان علي بن الحسين من أبر الناس بأمه، وكان لا يأكل معها، فسئل فقال: [أخاف أن تسبق عينها إلى شيء من الطعام وأنا لا أعلم به فآكله فأكون قد عققتها] .

وطلبت أم مسعر ماء في ليلة، فجاء بالماء فوجدها نائمة، فوقف بالماء عند رأسها حتى أصبح.

وسئل عمر بن ذر عن بر ولده به فقال: [ما مشى معي نهاراً قط إلا كان خلفي، ولا ليلاً قط إلا كان أمامي، ولا رقى على سطح أنا تحته] فنستغفر الله من حالنا مع آبائنا، ونعوذ بالله من الحرمان.

إليك أيها السامع هذه العناوين السريعة أنقلها لك من رسالة صغيرة بعنوان (أبناء يعذبون أبناءهم) قصص واقعية: ابن يتهرب من المستشفى حتى لا يتسلم والده! وآخر يتخلص من أمه برميها بجوار القمامة! وآخر يأتي بأبيه الذي بلغ الثمانين إلى دار النقاهة ويقول: خذوا أبي عندكم، وإذا أردتم شيئاً اتصلوا عليّ! وآخر يبخل على أمه بمائة ريال ثمناً لخاتم أعجبها، بل أخذ الخاتم من يدها ورماه على طاولة البائع! وابنة تطرد والدتها من منزلها.

وأخرى غضبت بعد أن علمت أن والدتها ستعيش معها.

هذه عناوين لقصص واقعية، وتفاصيلها تدمي القلوب وتقرح الأكباد، فإنا لله وإنا إليه راجعون، نعوذ بالله من حال هؤلاء، محرومون ومعذبون في الدنيا والآخرة.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا واجزهم عنا خير الجزاء، اللهم أعنا على برهما، اللهم ارفع درجتهم وأسكنهم الفردوس الأعلى برحمتك يا أرحم الراحمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>