للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أدلة خطر اللسان من القرآن]

هل قرأت القرآن ومر بك قول الحق عز وجل: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] هل تفكرت في هذه الآية؟! إنها الضابط الشرعي {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:٣٧] .

أسمعت أيها الإنسان؟! أسمعت أيها المسكين؟! إنها رقابة شديدة، دقيقة رهيبة، تطبق عليك إطباقاً كاملاً شاملاً، لا تغفل من أمرك دقيقاً ولا جليلاً، ولا تفارقك كثيراً ولا قليلاً، كل نفس معدود، وكل هاجسة معلومة، وكل لفظ مكتوب، وكل حركة محسوبة، في كل وقت وفي كل حال، وفي أي مكان.

عندها؛ قل ما شئت، وحدث بما شئت وتكلم بمن شئت، ولكن اعلم أن هناك من يراقب ويعد عليك هذه الألفاظ {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٧-١٨] .

إنها تعنيك أنت أيها الإنسان! إنها تعنيك أنت أيتها المسلمة! {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] هذه الآيات والله إنها لتهز النفس هزاً وترجها رجاً، وتثير فيها رعشة الخوف من الله عز وجل.

قال ابن عباس: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] قال: [يكتب كل ما تكلموا به من خير وشر، حتى إنه ليكتب قولك: أكلت، شربت، ذهبت جئت رأيت حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر، وألقي سائره] .

واسمع للآيات من كتاب الله، تقرع سمعك، وتهز قلبك؛ إن كان قلباً مؤمناً يخاف من الله عز وجل: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:١٠-١٢] .

{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [الأحزاب:٥٨] .

{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء:٣٦] .

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور:٢٣-٢٤] .

وأخيراً: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:١٤] فربك راصد ومسجل لكلماتك، ولا يضيع عند الله شيء.

أما أنت أيها المؤمن! أما أنت يا من يقال عنك ويدور عنك الحديث في المجالس! أما أنت أيها المظلوم! فإن لك بهذه الآية تطميناً، فلا تخف ولا تجزع فـ {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} ، لبالمرصاد لمن أطلقوا لألسنتهم العنان في أعراض العباد، لبالمرصاد للطغيان والشر والفساد، فلا تجزع بعد ذلك أيها الأخ الحبيب!

<<  <  ج: ص:  >  >>