للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فضل شهر رمضان وعظمته]

لماذا إذاً نخسر رمضان؟ سؤال يحتاج إلى إجابة، وكلنا بحاجة إلى هذا السؤال، ارجع إلى نفسك واسألها، وكرر عليها السؤال، ثم فكر في الإجابة جيداً فأنت أعلم الناس بنفسك.

قل لها: يا نفس! اصدقيني القول.

لماذا تخسرين رمضان؟ ألم تعلمي فضائله ومزاياه؟ أحقاً أنك تجهلين أنه شهر عظيم، وأنه شهر التوبة والندم، وأنه شهر المغفرة ومحو السيئات وأنه شهر العتق من النيران، وهو موسم الخيرات، وفرصة لا تعوض، وفيه ليلة خير من ألف شهر.

أيتها النفس! أحقاً أنك تجهلين هذه الفضائل أم أنك تتجاهلين؟ أيها الأحبة! في رمضان مقدار الربح والخسارة يتفاوت من إنسان لآخر، فهناك من كسب أرباحاً طائلةً لا تعد ولا تحصى، فهذا والله هو السعيد، فإن كنت منهم فاشكر الله؛ فإنه فضل من الله ومنة، نسأل الله عز وجل من فضله ومنته وكرمه: {فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [البقرة:٦٤] .

وهناك من خسر خسراناً مبيناً -عياذاً بالله- {وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً} [النساء:١١٩] .

وهناك من كان بين بين، فتارةً يربح، وتارةً يخسر: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٠٢] .

أيها المحب! رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له، فماذا أعددت لاستقبال رمضان؟ وكيف ستقضي أيام رمضان ولياليه؟ لا بد أنك فكرت وقدرت، ثم أعددت الإجابة، ولا أحب أن أقطع عليك أفكارك، ولكني حباً وتقديراً لك أذكرك وأحذرك من أمور ربما كانت سبباً لخسارة رمضان دون أن تشعر، فإياك إياك أن تخسر رمضان:

من فاته الزرع في وقت البذار فما تراه يحصد إلا الهمّ والندما

طوبى لمن كانت التقوى بضاعته في شهره وبحبل الله معتصما

فكم من شخص تحت الأجداث يتمنى شهر رمضان؟ وكم من عاجز عن الصيام والقيام تتلهف نفسه على رمضان؟ فبلوغ رمضان نعمة كبيرة.

كم كنت تعرف ممن صام في سلف من بين أهل وإخوان وجيران

أفناهم الموت واستبقاك بعدهم حياً فما أقرب القاصي من الداني

نسأل الله أن يبلغنا رمضان! ولأن رمضان فرصة للمحاسبة، ومراجعة النفس، وموسم لجمع الحسنات وتكفير السيئات؛ كانت هذه الوقفات مع هذا الموضوع، يعلم الله ما أردت منه إلا الإصلاح، فلعل هذه الوقفات أن تكون لبنةً أولى يضعها كل من سمع هذا الموضوع ليعيد بناء نفسه خلال هذا الشهر.

فأدعوك للتذكير والتعقل والتدبر، فحرام أن يمتن الله علينا بهذا الفضل -إدراك رمضان- فنكفر بهذه النعمة بالإسراف والتبذير لساعات أيامه ولياليه.

ولأن أسباب الخسارة كثيرة، فمنها ما يخص الرجال ومنها ما يخص النساء؛ قسمت هذا الموضوع إلى قسمين، للنساء وللرجال، وربما اشترك الرجال والنساء في بعض الأسباب، فإياك أن تفقد هذه الصفقة حتى تعرف مقدار الربح.

وأبشرك أن الربح في هذا المشروع كبير جداً، لا أستطيع أن أحسبه لك في مثل هذه الدقائق، ولكن خذ هذا المقدار على عجل، يبشرك به حبيبنا وقدوتنا صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) (ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) (ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) (استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطروا) (شهر العتق من النيران، فلله عتقاء في كل ليلة منه) (رمضان إلى رمضان مكفر لما بينهن) هذه بعض الأرباح وغيرها كثير.

لماذا يخسر بعض الناس كل هذه الأرباح؟

<<  <  ج: ص:  >  >>