للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية التقوى في بناء صحوة الأمة]

لا شك أن الجميع بحاجة إلى هذا السر العجيب كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء، علماء ومتعلمين، مع شدة غفلتهم عنه، لكنه مهم جداً، ومؤثر فعال في حياة شباب الصحوة والدعاة إلى الله، وما أكثرهم والحمد لله.

ولكنَّ كثيراً منهم تعجبك أجسامهم وأشكالهم وأحوالهم، لكنك تبحث عنهم في الميادين فتجد الخمول والكسل والهوان، فتسأل عن السبب؛ فإذا هو غياب هذا السر العجيب.

نقرأ الآيات فلا قلب يتأثر إلا من رحم الله منا! نسمع الأحاديث فلا عين تدمع! ننظر للقصص والعبر فلا جسد يقشعر ويخشع! نحمل الموتى وندخل المقابر ونخرج والقلب هو القلب! نسمع أنين الثكالى، وصرخات اليتامى، والأحداث في كل مكان والقلب هو القلب!! لا إله إلا الله! ماذا أصابك أيها القلب؟! نسأل عن السبب ونبحث عن العلاج؛ فإذا هو مرة أخرى هو ذلك السر.

أصبحنا -إلا من رحم الله منا- نكذب ونغتاب ونأكل الشبهات، لا.

بل ونقع في المحرمات!! فنسأل -أيضاً- عن السبب، فإذا هو غياب هذا السر في كثير من قلوب الناس.

هذا السر أقضَّ مضاجع الصالحين، وأزعج قلوبهم، وأسال دموعهم، فعرفوا حقيقة هذه الحياة.

هذا السر يحفظ الأمن والأمان، وبه تكثر الخيرات، وتتنزل البركات، وبغيبته ينتشر الفساد، ويعق الأولاد.

فهل عرفتني أيها الأخ الحبيب؟! لابد أن تعرفني؛ لأنني أنا الحارس الأمين لقلبك المسكين، إنني المراقب، ولكني لست المراقب الإداري ولا المراقب الصحي، فأنا المراقب الشرعي.

إنني مراقبة الله، أو إن شئت فقل: الخشية والخوف من الله سبحانه وتعالى، فلا بأس؛ فكلنا من عائلة واحدة، والمهم أن تعرف أنك بحاجتي حاجةً ماسةً في كل لحظة، فاتق الله حيثما كنت، وانتبه لقوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود:١٢٣] {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [البقرة:٢٣٥] .

وردد في كل لحظة: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً} [الأحزاب:٥٢] وتذكر أنه: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:١٩] .

فيا أخي الحبيب! أين المفر {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد:٤] ؟ وويل لذلك العاصي {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:١٤] !!

وداوِ ضمير القلب بالبر والتقى فلا يستوي قلبان قاسٍ وخاشعُ

{وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ} [النور:٥٢] .

إذاً: عرفت السر العجيب -يا أخي الحبيب! ويا أختي المسلمة! - في حياة أولئك النبلاء رحمهم الله تعالى، فما باب من أبواب الخير إلا وقد ولجوه، ولا صفة من صفات الفلاح والصلاح إلا وقد عُرفوا بها رضوان الله تعالى عليهم.

ثم ننظر إلى أنفسنا فنبحث عن صفة واحدة، ومن كان صادقاً مع نفسه ربما لا يجد، ولذلك تعال لأسوق إليك آثار هذا السر العجيب في حياة أولئك النبلاء رحمهم الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>