للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وصايا ونتائج]

ولكي تتم الفرحة بهذه البشائر، ولكي تلحق بالركب، ولتنال شرف نصرة هذا الدين فإليك هذه الوصايا التي لا يتم الموضوع إلا بها.

أولا ً: يتعجب بعض الناس من هيمنة الغرب ودوره القيادي، فأقول: لا تعجب أيها الحبيب! فإن من سنة الله عز وجل في خلقه أن من عمل وسعى وبذل جهده، وطاقته في تحصيل مقصد أو هدف وصل إليه ما لم تقم بعض الموانع والأسباب الحائلة دون ذلك، فالمسلمون حين يستجمعون قوتهم، وحين يستجمعون أسباب التوفيق والتمكين المادية والمعنوية فإنهم يصلون إلى ما وصل إليه الغرب وأكثر -أقصد في القيادة والريادة- فهم مع ذلك -أي: المسلمون- يملكون العون من الله والتوفيق لأنهم حملة دينه، وحماة شريعته.

إذاً: فالغرب وصل إلى ما وصل إليه الآن بالجد والعمل والمثابرة، ولو عمل المسلمون بهذه الأسباب لنالوا ذلك لأننا نتفوق على الغرب بالعقيدة -بلا إله إلا الله- فإن تخلينا عن لا إله إلا الله، وتخلينا عن هذا الدين انخفضنا وارتقى الغرب علينا، وأصبحت القيادة والريادة بيده كما هو حال الناس اليوم.

ثانياً: متى يكون هذا النصر للإسلام؟! اليوم أو غداً أم بعد سنوات هذا السؤال ربما خطر على بعض الناس، فأقول: المهم أن تثق بنصرة هذا الدين، وقد لا تشهد أنت هذه النصرة، ولكن اسأل هل أنت ممن صنع هذه النصرة؟ هل أنت ممن شارك في هذه النصرة؟ ما هو رصيدك من العمل والدعوة والعبادة؟ ما هو رصيدك من البذل والتضحية والصبر في سبيل الله ومن أجل هذا الدين؟ إن النصر لا ينزل كما ينزل المطر، وإن الإسلام لا ينتشر كما تنتشر أشعة الشمس من حين تشرق، ألم تقرأ في القرآن قول الحق عز وجل: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} [يوسف:١١٠] بعد الشدة وبعد وصول الأمر منتهاه جاء الفرج وجاء النصر، ألم تقرأ في القرآن قول الحق عز وجل: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [البقرة:٢١٤] بلغ الأمر منتهاه {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:٢١٤] .

إذاً: فالأمر يتطلب منا أن نبذل ما نستطيع من جهود مالية وبدنية وفكرية لنشر الخير، ابذل يا أخي الحبيب! ما تستطيع من أي جهد مالي أو فكري أو بدني لنشر الخير، فالصور كثيرة وأبواب الخير كثيرة جداً، والدعوة في هذا المجتمع، وإصلاح ما نراه فيه من خلل مهما بذل الإنسان من جهد فإنه قليل في ذات الله عز وجل.

ثالثاً: الاستمرار بالدعاء والإلحاح فيه وعدم الانقطاع، خاصة عند حدوث الفتن ونزول المصائب، وهذا الأمر مطلب شرعي تركه والغفلة عنه سبب للعذاب، اسمع لقول الحق عز وجل يوم أن قال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:٤٢-٤٣] نعوذ بالله من قسوة القلب.

رابعاً: موتانا في الجنة وموتاهم في النار، الدنيا لهم والآخرة لنا، حقيقة نسيها المسلمون حتى أصبحت الدنيا لكثير من المسلمين غاية وهدفاً، فأصابهم الهوان والذل، وهذا هو واقع كثيراً من المسلمين، والله يقول {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٣٩] والهوان قد يكون للالتفات للدنيا وملذاتها وشهواتها.

خامساً: لا ننس ضعف كيد الكافرين مهما كان عملهم، ومهما كانت قوتهم، فإن سعيهم في ضلال مهما كان هذا الكيد، ومهما كان هذا الجهد لحرب الإسلام والمسلمين، ومهما اتبعوا من وسائل فإن الله يقول عز وجل يقول: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) [النساء:٧٦] انظر المبادئ انظر العقيدة!! {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ويكفي هذا فخراً ونصرة {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} [النساء:٧٦] .

الله عز وجل يخبرنا أن كيد الشيطان وأولياؤه كان ضعيفاً، لكن هذا الكيد المهم أنه كيد مادام أنه وجد ضعفاً من المسلمين فسيكون الأعلى مع ضعفه وهوانه وحقارته ما دام وجد من المسلمين هواناً وضعفاً فإن هذا الكيد الضعيف ما دام كيداً وعملاً يرتقي ويصبح عالياً على المسلمين، وإلا فكيد الشيطان وأولياء الشيطان كيد ضعيف، وقال عز وجل: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} [الأنفال:١٨] المهم اعمل تحرَّك فكِّر ابذل لهذا الدين، ادع لله عز وجل كيفما استطعت، سجل في موازين أعمالك وفي حسناتك أعمالاً صالحة، سجل فيها أناساً اهتدوا وصلحوا على يديك، وستجد أثر ذلك، تحرك إلى الله عز وجل، ابذل ما تستطيع، حَرِّك الأمة معك، فكر بحال الأمة، احمل همّ الدنيا وهمّ هذه الأمة، ستجد بعد ذلك نصرة الله عز وجل وستجد التوفيق من الله عز وجل؛ لأن الله عز وجل أخبرنا أنه موهن كيد الكافرين، مهما كان هذا الكيد ومهما بلغ، وقال عز وجل: {وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} [غافر:٢٥] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦] .

هذه هي الحقيقة بعد ذلك توكل على الله عز وجل، وقم يا أخي الحبيب! ولا يصيبك الهوان ولا يصيبك الخمول ما دمت واثقاً بنصرة هذا الدين، وواثقاً بهذه البشائر وبهذه المبشرات.

اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ربَّ كل شيء ومليكه، اللهم إنا نسألك للإسلام نصراً مؤزراً في كل مكان، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك، اللهم انصر عبادك المخلصين في كل مكان، اللهم أعلِ مكانتهم، اللهم احفظهم بحفظك يا حي يا قيوم، اللهم إنك خير حافظاً وأنت أرحم الراحمين، اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءاً فأشغله بنفسه، اللهم أشغله بنفسه، اللهم اجعل كيده كيداً عليه، اللهم اجعل كيده تدبيراً تدميراً عليه، اللهم من كاد للإسلام بأمر سوء فكده يا حي يا قيوم، اللهم اجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم اجعلنا من جندك المخلصين، اللهم اجعلنا من الصالحين المصلحين، اللهم انفع بنا، اللهم انفعنا وانفع بنا، اللهم أقر أعيننا بعزة الإسلام والمسلمين.

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>