للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجوب التزام أوامر الشرع]

فلك مني يا أخي الحبيب! هذه الكلمات الأخوية من قلب يحبك ويحترق من أجلك، ووالله ثم والله لولا حبي وخوفي عليك ما تفوهت بهذه الكلمات، وما أضعت الأوقات والساعات وذهبت أقلب الصفحات بحثاً عن الحق في مثل هذا الموضوع.

أخي الحبيب! أعرف أنك مسلم أباً عن جد، وأنك تعتز بإسلامك وتفخر بدينك، ولا ترضى أن يمس بسوء لا من قريب ولا من بعيد، وأنك أعلنتها صرخة قوية من قلب حار، وقلت بكل صدق -إن شاء الله-: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً رسولاً.

وأعلم وتعلم أنت أيها العزيز! أن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، فمن ذا الذي يسلم من الخطأ؟ ومن ذا الذي يسلم من الغفلة منا نحن البشر؟ إذاً: فالخطأ والتقصير والوقوع في المعصية هي صفة لنا، ولكننا نحمد الله كثيراً على أن فتح الباب على مصراعيه، فأرشدنا إلى التوبة والرجوع عند الغفلة والتقصير، بل قال صلى الله عليه وآله وسلم: (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) والحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.

إذاً: فيا أيها الحبيب! أنا وأنت نبحث عن الحق، ونريد الوصول إليه، ولو كان يخالف أهواءنا وشهواتنا.

أخي الحبيب! أنت مسلم، فهلا أسلمت نفسك لله، وأخضعتها لأمره وحكمه؟! أخي الحبيب! رضيت بالله رباً، فهل ترضى بحكمه واختياره وشرعه، أم ترضى بحكم نفسك واختيارها؟! أخي العزيز! أنت رضيت بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً نبياً، فهل خضعت لأمره، واعتصمت بقوله؟! إذاً: فيا أيها العزيز! إذا رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم رسولاً، فاعلم أن كل فعلٍ تفعله، وكلمة تقولها، ولباس تلبسه، وشربة تشربها، بل وحركة وسكنة تصدر منك، لابد أن تكون كما أمر الله ورسوله، وإلا فما معنى قولك إذاً: إنك رضيت بالله رباً؟؟ وما معنى قولك: إنك رضيت؟؟ وما معنى قولك: إنك مسلم؟ ألم تعلم أن الإسلام: هو الاستسلام والخضوع لله؟! إذاً فليس لك اختيار مع أمر الله ونهيه، اسمع هذه الآية جيداً، وافتح لها قلبك، وأرع لها سمعك: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:٣٦] .

إذاً: فالإسلام ما ترك خيراً إلا وأمرك به، ولا شراً إلا ونهاك عنه.

أخي الحبيب! تعال بقلب مؤمن مسلم معظم لأمر الله، تعال بنفس رضية للبحث عن الحق في مثل هذه القضية، نسأل الله عز وجل أن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>