للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استغلال أبواب الخير في الحج]

الوسيلة الأربعون: الحج موسم تجاري، لكنه تجارة مع الله، فما أكثر أبواب الخير فيه، بل ربما إن أوجه الخير التي أشار إليها صلى الله عليه وسلم في الأحاديث -على سبيل المثال لا الحصر- لا تتوفر كما تتوفر في موسم الحج.

وجوه الخير وأبواب الخير التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث ربما لا تتوفر جميعها إلا في هذه المناسبة، ولذلك حاولت بجهد ضعيف أن أجمع بعض الأحاديث التي وقفت عليها مما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبواب الخير.

أقول لك هذه الأبواب حتى لا تحتقر نفسك بأنك لا تستطيع أن تقدم؛ فكل إنسان يستطيع أن يقدم ويفعل ما بوسعه، فاسمع إلى أبواب الخير التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في إشارة سريعة، وهي -تقريباً- وصلت إلى أربعين باباً من أبواب الخير: - تعدل بين اثنين.

- تعين الرجل في دابته فتحمله عليها.

- تحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف.

- الكلمة الطيبة.

- بكل خطوة تمشيها إلى الصلاة.

- إماطة الأذى عن الطريق.

- أمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة.

- تعين ذا الحاجة الملهوف.

- تكف شرك عن الناس.

- كل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة.

- دفن النخاعة في المسجد صدقة.

- يعمل بنفسه فينفع نفسه ويتصدق.

- يعطي من قليله وكثيره.

- تهدي الأعمى.

- تسمع الأصم.

- إرشاد الضال.

- تسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث.

- بيانك عن الأغتم، والأغتم: هو الأعجمي الذي لا يفصح، وما أكثر الأعاجم.

- منح منحة لبن، أو أهدى زقاقاً -والزقاق: هي القربة- صدقة.

- أن تلقى أخاك بوجه طليق.

- أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي.

- ما أنفق المرء على نفسه وأهله.

- ما وقى به عرضه.

- أن تعطي صلة الحبل.

- أن تعطي شسع النعل، يعني: سيره، وقطعته.

- أن تلقى أخاك فتسلم عليه.

- أن تؤنس الوحشان في الأرض.

- تعين صانعاً أو تصنع لأخرق.

- تنصر مظلوماً.

- رد السلام.

- إذا مرض فعده.

- إذا مات فاتبعه.

- إذا دعاك فأجبه.

- إذا عطس فحمد الله فشمته.

- إذا استنصحك فانصح له.

- من يسر على معسر؛ يسر الله له في الدنيا والآخرة.

- في كل كبد رطبة أجر.

- من ستر على مسلم؛ ستره الله في الدنيا والآخرة.

- من نفس عن مسلم كربةً، نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة.

- يجزي عن ذلك ركعة الضحى يركعها.

أقول: كل هذه الأمور موجودة في الحج، وقد لا تجتمع كلها إلا في مثل هذا الموسم، فما أكثر الجائعين في الحج إن أردت أن تطعم جائعاً، وما أكثر الضالين في الحج إن أردت أن ترشد ضالاً، وما أكثر الأعاجم في الحج إن أردت أن تفصح لأغتم، وما أكثر الأذى في الحج إن أردت أن تميطه عن الطريق، وما أكثر ذوي الحاجات إن أردت أن تعينهم، وما أكثر مجالات الكلمة الطيبة إن أردت أن تتكلم، فليس لأحد عذر مهما كان، كبر في سنه أو صغر، ذكراً كان أو أنثى، فليس لأحد عذراً مهما بلغ ومهما كان، لكن السؤال المهم الذي نسأله بكل أسى وألم نقول: أين من يعمل؟! وأين من يحمل هم العمل ويفكر فعلاً أن يعمل وينفع الآخرين؟! ولذلك أقول: يا أيها المسلم الغالي! ويا أيتها المسلمة الغالية! لا يصح أبداً أن يكون الأعداء خيراً منا وأنت على حق -كما أسلفنا في بداية الأمر- فإن دعوتهم وتشويههم للإسلام دخل إلى كل بيت مسلم إلا ما شاء الله، فها أنت تسمع وتقرأ عن البث المباشر، وها أنت تسمع عن الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى بلاد المسلمين، بل إننا لنعجب ونتحسر يوم أن وصلت دعوتهم إلى أوغال الغابات وإلى أدغال أفريقيا، وإلى أواسط الجزر المجهولة والقبائل الوثنية في أدغال أفريقيا!! وقد والله رأينا مثل هذه المواقف ووقفنا عليها بأنفسنا، يوم أن رأينا في جزيرة ليس فيها مقوم من مقومات الحياة، وليس فيها شأن من شئون الدنيا، حتى الكهرباء ولا الماء ولا غير ذلك يوجد فيها، ومع ذلك أبياتهم هي من مجرد مجموعة من الأعواد وغير ذلك، حتى اللباس قد لا يجدون اللباس الذي يسترهم، ومع ذلك وجدنا عندهم بعض الكتيبات والوسائل الدعوية -مع الأسف- عن التنصير، أو الرافضة أو غير ذلك، في أقصى الأرض، وفي مثل هذه الأماكن المجهولة، فلماذا إذن يحتقر المسلم نفسه؟! ولماذا يخجل المسلم مع أنه صاحب حق ومبدأ وهدف، وهو يعلم ذلك؟ فلماذا إذن لا يوصل دعوته إلى كل مكان وإلى كل نفس؟! ووجدنا أولئك كيف صبروا وتحملوا الحر الشديد، والبرد القارس، والأمراض المعدية، والحياة البدائية، فنشكو إلى الله عز وجل عجزنا، ونشكو إلى الله جلد الفاجر وعجز المؤمن، فإنها والله مصيبة يوم أن يقوم صاحب الباطل فيعمل، ويوم أن ينام صاحب الحق فيكسل ويسكن ولا يتحرك.

فهذه أربعون وسيلة لاستغلال موسم الحج، أسأل الله عز وجل العلي القدير أن ينفع بها كل سامع لها، وأن يبارك فيها.

وكما أسلفت أيها الأحبة! هي عرضة للنقص والخطأ والزلل والتقصير، أسأل الله عز وجل أن يغفر ذلك لي، أحسب أني اجتهدت فيها، فما كان فيها من صواب فهو من الله عز وجل، وما كان فيها من خطأ فهو من نفسي الضعيفة ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان.

أقول قولي هذا، وأسأل الله عز وجل أن يغفر لي ولكم، وأن يحفظ المسلمين في كل مكان، وأن يعز الإسلام وأهله، وأن يجعل من أراد للإسلام بسوء أن يجعل كيده في نحره.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>