للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيمان بالقلم واللوح المحفوظ من مقتضيات ولوازم الإيمان بالقدر]

ثم قال رحمه الله: [ونؤمن باللوح والقلم، وبجميع ما فيه قد رقم، فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ليجعلوه غير كائن لم يقدروا عليه، ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه كائناً لم يقدروا عليه، جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه] .

يقول رحمه الله: (ونؤمن باللوح والقلم وبجميع ما فيه قد رقم) هذا من صلة وتمام البحث في مسائل القدر، الإيمان باللوح والقلم، اللوح: هو اللوح المحفوظ، وقد ذكره الله تعالى في مواضع عديدة منها: قوله سبحانه وتعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج:٢١-٢٢] فذكره الله جل وعلا بهذا الاسم في كتابه، وسماه الله جل وعلا ذكراً: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء:١٠٥] فالذكر هو ما كتبه الله جل وعلا في اللوح المحفوظ.

وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جواب من سأله عن أول هذا الأمر قال: (وكتب في الذكر كل شيء) فالذكر هو اللوح المحفوظ، وقد كتب الله جل وعلا في هذا اللوح ما هو كائن إلى يوم القيامة، فقد حوى كل شيء من أفعال الرب ومن أفعال الخلق.

ومن جملة ما في اللوح المحفوظ القرآن العظيم، فإن الله سبحانه وتعالى ذكر ذلك في قوله: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج:٢١-٢٢] ، وأما القلم فالمراد به القلم الأعظم الأول الذي كتب الله به مقادير كل شيء، فإن الله سبحانه وتعالى خلق القلم وقال له في أول خلقه: اكتب، قال ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فجرى القلم بأمر الله بكتابة ما هو كائن إلى يوم القيامة، كما جاء فيما رواه أصحاب السنن من حديث فيه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب.

قال: ما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء أو اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>