للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان منهج الإمام الطحاوي في عقيدته المختصرة]

بين المؤلف رحمه الله في مقدمته على هذه العقيدة ما الذي يريد تحقيقه، وما الذي يريد الكتابة فيه.

قال رحمه الله: (بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين) فبدأ الرسالة بما جرى عليه أهل العلم رحمهم الله من البداءة بالبسملة؛ تأسياً بكتاب الله عز وجل؛ واتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وسيراً على ما جرى عليه عمل أهل العلم رحمهم الله في مؤلفاتهم وكتاباتهم، والبداءة بالبسملة سنة جارية في الكتاب والسنة، وفي عمل أهل العلم قديماً وحديثاً، والبسملة تقدم الكلام عليها وأنها جملة اسمية أو فعلية تامة مفيدة، المتعلق فيها إما أن يكون اسماً أو فعلاً مقدراً مؤخراً مناسباً.

قال رحمه الله: (وبه نستعين) .

بعد أن بدأ بـ (بسم الله) عز وجل أعقب ذلك بالاستعانة به، والاستعانة بالله عز وجل من أعظم ما يحصل به الإنسان مقصوده.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن يستعن بالله يعنه) .

فإن الإنسان إذا استعان بالله عز وجل على تحصيل مطلوبه يسر الله عز وجل له مطالبه، أما إذا اعتمد على نفسه وجهده وكده وعمله في تحصيل أموره فإنه لا يوفق إلى تحصيل المطلوب، بل كثيراً ما يفوته غرضه ومقصوده، فينبغي للمؤمن أن يكل أمره إلى الله، وقد قال الله جل وعلا في السورة المتكررة التي يقرؤها أهل الإيمان في صلواتهم: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥] .

فجعل بعد إفراد الله بالعبادة إفراده بالاستعانة، وذلك أنه: (إذا لم يكن عوناً من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده) فينبغي للمؤمن ألا يغتز بقوته وحوله، بل لا حول ولا قوة له إلا بالله، فيستعين بالله عز وجل على مطلوبه دقيقاً كان أو جليلاً، فإن الله جل وعلا إذا لم ييسر لك الأمر لم يتيسر؛ لأنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو جل وعلا، فينبغي للمؤمن أن يعلق قلبه بالله عز وجل، مستعيناً به في فهم العلم ونشره وبذله وفي إفادة الناس به، فإنه إذا أعان الله عبداً وفق إلى خير كثير.

قال رحمه الله: (الحمد لله رب العالمين) .

وهذه المقدمة هل هي من المؤلف أو من غيره؟ على كل حال: الظاهر أنها من كاتب هذه العقيدة ومؤلفها وهو الطحاوي رحمه الله، فبعد البسملة والاستعانة حمد الله وهو أحق من حمد جل وعلا، وحمده إثبات الكمال له، فإن الحمد هو: ذكر المحمود بصفات الكمال محبة وتعظيماً.

وهذا أحسن ما قيل في تعريف الحمد، ولابد من هذين القيدين الأخيرين أنه: ذكر لصفات المحمود على وجه المحبة والتعظيم، فإذا لم يكن محبةً ولا تعظيماً فإنه لا يسمى حمداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>