للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُرى الله سبحانه وتعالى في الدنيا يقظةً

مسألة: هل يرى الله عز وجل في الدنيا أو لا؟ جواب هذه المسألة: أن أهل السنة والجماعة ذهبوا إلى أن الله عز وجل لا يراه أحد من الناس في الدنيا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت) كما في صحيح الإمام مسلم، وهذا يدل دلالة واضحة على أن رؤية الله في الدنيا لا تكون، وأن كل من قال: إنه رأى الله أو ادعى ذلك فإنما أتي من قبل وهم أو خيال أو ظن، والذي رآه ليس هو الله جل وعلا؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يرى في الدنيا، وقد منع الله جل وعلا أحد أولي العزم من الرسل وهو موسى عليه السلام من أن يراه، فكيف بمن دونه من سائر المؤمنين؟ فإن الله جل وعلا لما قال له موسى: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف:١٤٣] قال: {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:١٤٣] فمنعه من أن يراه، وقد اتفق أهل السنة والجماعة على ذلك فيما يتعلق بأهل الإيمان، والخلاف الذي وقع هو في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه، هل رأى الله جل وعلا أم لا؟ فقد اختلف أهل السنة والجماعة على قولين، فأنكر هذا جمهورهم، فمن الصحابة ابن مسعود وغيره، وأثبت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه يقظة جماعة من العلماء، واحتجوا لذلك بما جاء عن ابن عباس وجماعة من الصحابة من أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه.

ولكن هذا الذي ذكروه ليس في كلام الصحابة ما يؤيده، بل ما في كلام الصحابة إما إثبات الرؤية مطلقاً كما جاء ذلك عن ابن عباس وعن غيره، وإما أن يكون ذلك مقيداً برؤية القلب أو الفؤاد، فما كان مطلقاً فإنه يحمل على المقيد من كلامهم، والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه يقظة، إنما رآه في المنام، وما كان من الرؤية التي ذكرها بعض الصحابة فهي رؤية قلب وفؤاد وليست رؤية عين.

<<  <  ج: ص:  >  >>