للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدلة على أن للعبد مشيئة واختياراً

فقوله رحمه الله: (وأنه لم يجبر أحداً على معصية، ولا اضطره إلى ترك طاعة) واضح، وأما أدلة هذا فذكر المؤلف رحمه الله منها: (قال الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦] ) أي: طاقتها، أي: ما تتسعه من العمل فعلاً وإيجاداً وتركاً واجتناباً، فالله جل وعلا لا يكلف نفساً إلا ما تقدر عليه وما تستطيعه.

قال المؤلف رحمه الله: (وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦] ) ، وتقوى الله هي: فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، فالأمر وهو إيجاد المطلوب، والنهي وهو ترك المحرم كله ينتظمه قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦] أي: اتقوا الله ما قدرتم وتمكنتم من ذلك.

قال رحمه الله: (وقال تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر:١٧] ) وهذا فيه أن ما يكون من الإنسان هو كسبه وعمله، وأنه يجازى على هذا الكسب والعمل يوم القيامة؛ ولذلك قال تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر:١٧] أي: تجازى بما عملت وبما قدمت، فلا يظلم صاحب الطاعة بنقص طاعته، ولا يظلم صاحب المعصية بالزيادة عليه في إساءته ومعصيته.

قال رحمه الله: (فدل-أي: دل ما تقدم- على أن للعبد فعلاً وكسباً) ، أي: أثراً في إيجاد فعله، واختياراً في إيجاد فعله، وكسباً، فينسب إليه ما يكون من العمل.

قال المؤلف رحمه الله: (يُجزى على حسنه -يعني: من الفعل والكسب- بالثواب، وعلى سيئه-يعني: من الفعل والكسب- بالعقاب، وهو واقع بقضاء الله وقدره) ، أي: ما يكون من فعله وكسبه، من حسناته وسيئاته، فكل ذلك واقع بقضاء الله وقدره، فيجتمع في هذا كمال الإيمان وكمال العبودية لله عز وجل، حيث يؤمن العبد بالشرع ويعمل ويصدق ويؤمن بالقدر، وبه ينتظم إيمانه ويستقيم إسلامه، ولا قرار للإيمان إلا بهذا، وبهذا يكون قد انتهى ما ذكره المؤلف رحمه الله فيما يتعلق بالإيمان بالقدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>