للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مذاهب الناس في آيات الصفات]

والناس من حيث إثبات الصفات ينقسمون في الجملة إلى قسمين: قسم ينفي الصفات، وهؤلاء هم المعطلة، وقسم يثبت الصفات بالجملة، وهؤلاء أقسام: منهم -وهم أفضل الأمة وخيرها وأوسطها وأتبعها لطريق النبي صلى الله عليه وسلم- الذين يثبتون ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

القسم الثاني: هم الذين يثبتون بعض الصفات، وينفون بعضها، وهؤلاء يطلق عليهم مثبتة الصفات؛ لأنهم يثبتونها بالجملة وإن كانوا يخالفون أهل السنة والجماعة في إثبات كثير من الصفات، حيث لا يثبتونها، ويخالفونهم أيضاً فيما يثبتون حيث إنهم لا يثبتونها على الوجه الذي أثبته الصحابة رضي الله عنهم وسلف الأمة الصالح، ومن هؤلاء الأشاعرة، الماتريدية، والكلابية.

وهناك طائفة غلت في إثبات الصفات وهم الممثلة الذين يثبتون الصفات ويقولون: هي مثل صفات المخلوقين، فهؤلاء مثبتة الصفات، لكنهم غلوا في الإثبات.

والمؤلف رحمه الله ذكر آيات وأحاديث الصفات التي خالف فيها مثبتة الصفات، يعني: التي خالف فيها الأشاعرة والماتريدية والكلابية وأشباههم، فبحثه ليس مع الذين نفوا الصفات بالكلية؛ لأن البحث مع أولئك ينحو منحى آخر، يحتاج إلى أن يناقشوا في أصل النفي، أما هؤلاء فمعهم شيء من الحق وهو فيما أثبتوه من الصفات، ولكنهم أخطئوا فيما أولوه من الصفات، فنحتاج إلى أن نقول لهم: إنه يلزمكم فيما أثبتم من الصفات نظير ما نفيتم، ونظير ما فررتم منه فيما نفيتم، فإما أن تثبتوا الجميع وإما أن تنفوا الجميع.

ومقصودي من هذا الكلام: أن نعرف لماذا ذكر المؤلف رحمه الله هذه الآيات وهذه الأحاديث المتضمنة للصفات الخبرية والصفات الفعلية، ولم يذكر شيئاً من الصفات المعنوية الذاتية: كصفة السمع، والبصر، والعلم، والقدرة، والحياة، والكلام؛ وذلك لأن المؤلف رحمه الله أراد إثبات ما نفاه وتأخر عن إثباته مثبتة الصفات، كالأشاعرة والكلابية والماتريدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>