للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الصلاة على الجنازة في المسجد]

وهنا يأتي البحث: هل يصلى على الجنائز في المسجد أو خارج المسجد، أو عند المقبرة، أو في بيته حيثما جهز؟ إذاً: حديث عائشة رضي الله عنها في تحديد أو تعيين أو بيان مكان الصلاة على الجنائز، ويذكر العلماء في أصل هذه المسألة كما أشرنا سابقاً، وقد يكون من زمن طويل، بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء المدينة كان في بادئ الأمر يتفقدهم، وإذا مرض إنسان يسأل عنه ويعوده، فإذا احتضر رغب أن يحضر تجهيزه، ويصلي عليه في بيته، ويحملونه من بيته مجهزاً ومصلىً عليه وينطلقون به إلى البقيع، فكانوا إذا احتضر الشخص آذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأتي ويحضر، وتتم المهمة، ويُحمل ويتبعه من يتبعه إلى البقيع، فلما كثر مثل ذلك قالوا: إننا نشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤاذنه على جميع موتانا، فالأولى أن نصبر حتى نجهز الميت ونذهب به إلى رسول الله ليصلي عليه هناك دون أن نكلفه المجيء، وقد يكون نزول الموت في الليل أو غير ذلك، فاتفقوا على هذا.

وكلكم يعلم ما يسمى بفرش الحجر، وهو مصلى الجنائز، وهو الحوش الصغير الذي ما بين باب جبريل وباب البقيع الذي فتح مؤخراً، هناك حوش صغير يمتد من باب جبريل إلى الجنوب بجوار المسجد، خارج المسجد -تلاحظون هذا أم لا- هذا قديماً كان يسمى فرش الحجر؛ لأنه مفروش بالحجر المنحوت، فكان هذا الحوش هو مصلى الجنائز، وكان شرقي الحجرات ملاصقاً لها، وليس كالوضع الحالي الآن، والحجرات كانت في السابق جدار الحجرات هو جدار المسجد من الشرق، والطرقة الموجودة الآن ما بين الحجرات، والجدار الذي فيه باب جبريل وباب البقيع ما كانت هذه الطرقة موجودة، إلا بعد ما وقعت قضية الأعاجم الذين جاءوا وأرادوا أن ينقلوا جثمان الرسول صلى الله عليه وسلم، وقصتهم طويلة في السيرة وفي تاريخ المدينة.

فلما حفروا حول القبور الشريفة، وصبوا الرصاص حولها، وأمنوا في ذلك جعلوا هذه الطرقة؛ لأن الذين جاءوا نزلوا في رباط كان ملاصقاً لجدار الحجرات من الجهة الشرقية، فنزلوا في ذاك الرباط، وحفروا في مكانهم، وبعمق حتى وصلوا إلى مستوى القبر الشريف، وهناك أُنذر الخليفة العثماني، ورأى في النوم.

إلى آخر القصة الطويلة، فلما عمروا المسجد بعد ذلك جعلوا هذه الطرقة لئلا يتوصل إنسان بعد ذلك بأن يحفر بجوار الجدار، ويأتي إلى الجثمان الطاهر الشريف.

إذاً: تكون الطرقة مانعة من إمكان الوصول كما وصل أولئك في السابق.

فكان مصلى الجنائز، وفرش الحجر ملاصقاً لجدار الحجرات، وكان صلى الله عليه وسلم إذا جيء بالجنازة خرج إليها وصلى عليها في هذا المكان.