للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مشروعية الدعاء لعامة المسلمين في صلاة الجنازة]

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة يقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا.

الحديث) يلاحظ أن الدعاء الأول مخصص بمطالب معينة، و (له) قد يكون ضميراً لشخص معين يعرفه المصلي، ونحن عشرات المرات ومئات المرات نقول: الصلاة على الرجل الصلاة على المرأة، ولا نعرف من هو الرجل ولا من هي المرأة، فإذا كان معروفاً تسميه وبضميرٍ راجع إليه، وإذا لم يكن معروفاً لديك فهذا هو الدعاء، أي يكفي أن تقول: اللهم اغفر لحينا ومتينا، وشاهدنا وغائبنا، وذكرنا وأنثانا إلخ.

ومعنى شاهدنا: الحاضر، وغائبنا: الذي مات وهو غائب عنا، وفي بعض الروايات: (حاضرنا وغائبنا {وصغيرنا وكبيرنا) صغيرنا: الطفل الذي يصلى عليه، وكبيرنا: إلى آخر ما يكون من العمر.

(وذكرنا وأنثانا) إذا صليت على الجنازة ولا تعرف هل هو رجل أم امرأة فهذا الدعاء يجزئ، وبالجملة ليس هناك توقيت في لفظ معين في الدعاء عند الصلاة على الجنازة، فإن حفظت ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله) إلخ فالحمد لله هذا مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أشمل وأبرك.

فإذا لم تكن تحفظ هذا، فأي دعاءٍ تدعو به فإنه يصح، إذا كان يتضمن طلب المغفرة والرحمة بإخلاص، كما تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم (شفعوا فيه إلا شفعهم الله) فإن كنت تعلم الشخص الميت، وتنويه بالضمير (له لها) فبها ونعمت، وإلا فتأتي بالعموم: (حينا وميتنا، وذكرنا وأنثانا، وصغيرنا وكبيرنا) ، وبالمجموع: (ذكرنا أو أنثانا) ويكون على سبيل الإجمال فلا مانع.

(اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان) لاحظ هذين اللفظين: (من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان) هل هما متغايران أم شيء واحد؟ يقول علماء العقائد: الإسلام والإيمان إن افترقا اتحدا، وإن اتحدا افترقا، فهنا ذكرا معاً، فتكون للمغايرة، يدعو للحي أن يحيا على الإسلام؛ لأن الإسلام عملي ظاهري، وأركان الإسلام كلها ظاهرة، وإذا قام بأركان الإسلام كان مسلماً وأدى واجبه أمام المسلمين.

أما (توفه على الإيمان) فهو العقيدة: (من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة) لأن الخلاص من الشرك ليس إسلاماً بل إيماناً، أعني أنه من عمل القلب ويتعلق بالعقيدة، وليس من عمل الجوارح، فالإيمان يقين، والعمل تابع للإيمان، وهو يزيد وينقص بالعمل.

إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم فرق ودعا للحي أن يحيا على الإسلام، سامعاً مطيعاً مستسلماً لأوامر لله، ودعا للميت أن يميته الله على الإيمان.

(اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده) رواه مسلم والأربعة.

هذا هو الدعاء للمصلي بعد التكبيرة الأخيرة، أي: اللهم لا تحرمنا أجره في صلاتنا ودعائنا له، ولا تفتنا بعده، فهو قد خرج من الدنيا معافى، فلا تفتنا بفتنة تفتننا عن ديننا بعده، هذا هو مجمل الأدعية التي تكون في صلاة الجنازة: في التكبيرة الأولى: الفاتحة.

في الثانية: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

في الثالثة: الدعاء للميت بما تيسر لك.

وفي الرابعة: لنفسك.

ثم يكون السلام.