للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى]

لاحظوا يا إخوان: (ابدأ اليد العليا) ، فاليد العليا تبدأ بمن تعول، فهناك عطاء، وهناك صدقة، ثم يأتي في الدرجة الثالثة التوجيه: (وخير الصدقة) أي: الناشئة عن اليد العليا، التي تتوجه للأدنى فالأدنى من الأقربين (ما كان عن ظهر غنى) .

فقوله: (ما كان عن ظهر غنى) كناية عن المال الزائد المستغنى عنه، فهذا يشعرنا بأنه يبدأ بنفسه هو؛ لأن خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وأول من يستغني المتصدق؛ فإذا كان عندك ما يغنيك، فالزائد عن الحاجة تكون منه الصدقة، وهذا حفاظ على حياة المتصدق وعلى نفسيته.

و (خير) من صيغ التفضيل حذفت منه الهمزة، وأصلها (أخير) ، ونظيرها: (شرٌ) ؛ وأصلها (أشر) ، لكن حذفت الهمزة تخفيفاً لكثرة الاستعمال.

إذاً: خير الصدقة ما كان حينما يتصدق بها المتصدق عن ظهر غنى، أي: وهو مستغنٍ في نفسه، كما أن الزكاة لا تجب إلا عن ظهر غنى؛ لأنه لا تجب إلا على من يملك النصاب، وهو مستغنٍ عنه طيلة العام، فهكذا تكون الزكاة، وكذلك صدقة التطوع.