للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل الصيام في سبيل الله]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: قال المؤلف رحمه الله: [وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفاً) .

متفق عليه واللفظ لـ مسلم.

يسوق المؤلف هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام يوماً في سبيل الله) ، و (في سبيل الله) يرى بعض العلماء أن ذلك في الجهاد، فإذا خرج الإنسان للجهاد، وكان مرابطاً على الحدود لحفظ وصيانة حدود البلد الإسلامي، وليس هناك كر ولا فر، وليست هناك معركة، ولكنه جالس على حدود البلاد فصام يوماً فهذا اليوم في سبيل الله، ويرى آخرون أن المعنى أعم، وأن من صام يوماً في سبيل الله أي: بدون دافع، وبدون سبب معين، لا هو كعرفات يكفر سنتين، ولا هو كعاشوراء يكفر سنة، ولا هو كست من شوال يعادل مع رمضان صيام الدهر، ولا هو كثلاثة أيام من كل شهر، بل بدون أي سبب ولم يرتبط بأي موجب، ولكن في يوم من الأيام وجد نشاطاً فقال: أصوم غداً في سبيل الله، أو أصوم غداً لوجه الله، فهذا يترتب عليه ما جاء في هذا الحديث: (باعد الله به -أي: بهذا اليوم- عن وجهه النار سبعين خريفاً) ، والخريف هو عبارة عن جزء أو فصل في السنة، والسنة فيها فصل الخريف واحد، وفصل الربيع واحد، وفصل الشتاء واحد، وفصل الصيف واحد، فإذا قيل: سبعون خريفاً، أو سبعون ربيعاً، أو سبعون شتاءً فمعناه سبعون سنة؛ لأن الفصل المذكور ليس مكرراً في السنة مرتين، حتى نقسم العدد على اثنين وإنما سبعون خريفاً، أي: سبعون سنة، وهذا يدل على عظيم فضل الله سبحانه وتعالى على عباده حيث يقبل القليل، ويجازي بالكثير، فهذا صوم يوم واحد يباعد الله به بين وجهه وبين النار سبعين خريفاً، ولم يقل: سبعين يوماً، أو سبعين ساعة، أو سبعين أسبوعاً، أو سبعين شهراً، ولكن قال: سبعين خريفاً أي: سبعين سنة، وهذا من عظيم فضل الله سبحانه وتعالى، ومما يتعلق بفضل الصوم ما جاء في الحديث القدسي وهو يشهد لهذا: (كل عمل ابن آدم له والحسنة بعشر أمثلها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) ، وكما قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:١٠] .

ورمضان يسمى شهر الصبر، وعلى هذا يكون المؤلف رحمه الله أراد أن يرغب في الصوم تطوعاً مطلقاً، ولو لم يكن في هذه الأيام نص وارد فيها بعينها.