للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أكثر الحيض وأقله والخلاف في ذلك]

قال الفقهاء: الحيض له أقله وأكثره، والطهر بين الحيضتين له أقله، ولا حد لأكثره، فيقول الفقهاء: إذا رأت الدم أقل مدة الحيض فلتمسك عن الصلاة والصيام إلى أكثر مدته عندهم، فإن تجاوزت أقصى مدة الحيض عندهم فعليها أن تغتسل وتصلي وتعتبر الزائد استحاضة.

فما هو أقل الحيض وما هو أكثره؟ المسألة فيها خلاف، فعند الإمام أبي حنيفة رحمه الله أقل مدة الحيض ثلاثة أيام، فإذا رأت الدم ليوم فيقول: هذا دم فاسد، ويلزمها الصلاة عند ذلك، وهكذا إذا رأته ليومين، فإذا كان ثلاثة أيام فهو حيض عنده.

وعند الشافعي وأحمد: أقل مدة الحيض يوم وليلة، فإذا رأت المرأة الدم يوماً وليلة فهو حيض، ولا يصح لها أن تصوم ولا أن تصلي، فإذا ذهب عنها الدم اغتسلت، ولو رأت الدم أقل من يوم وليلة قلنا لها: هذا دم فاسد؛ لأنه لم يكتمل أقل مدته.

وعند مالك رحمه الله - تفصيل بين العبادات والعدة، فقال في حق العبادات: يكون الحيض إذا رأت الدم ولو لحظة، بمعنى: لو أن المرأة رأت الدم في نهار رمضان خمس دقائق، ثم ارتفع عنها ولم تره إلى المغرب قال: فسد صومها وعليها قضاؤه.

وكذلك: إذا رأته في وقت المغرب ولم يرتفع عنها حتى طلع الفجر، فهذا أقل من يوم وليلة، فتسقط عنها صلاة المغرب والعشاء، وهكذا اعتبر الحيض بالنسبة للعبادات بمجرد رؤية الدم ولو لحظة.

أما إذا كانت مطلقة وتعتد بالحيض فلا تكون الحيضة المعتبرة في العدة إلا بيوم وليلة.

وعلى هذا فقد اختلفوا في أقل مدته، فمن رأت الدم أقل من أقله فهو دم فاسد، وإذا رأته لأقله فهي حيضة معتبرة، لا تصلي ولا تصوم.

وأما أكثره فهو عند أكثر الأئمة خمسة عشر يوماً.

وعلى هذا إذا استمر الدم أكثر من خمسة عشر يوماً قيل لها: ما زاد عن أكثره فإنه استحاضة، فعليك عند آخر اليوم الخامس عشر، أن تغسلي ثم بعد ذلك يعتبر ما زاد عن هذه الفترة استحاضة تصلين وتصومين معها.

وسيأتي زيادة توضيح لما يتعلق بالحيض والاستحاضة، ويهمنا في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبره ناقضاً، وأمرها بالوضوء لكل صلاة.

وسيأتي النقاش أيضاً في أنها هل تتوضأ لكل صلاة أو تغتسل؟ لأن في بعض الروايات (توضئي لكل صلاة) وفي بعضها: (اغتسلي واغسلي عنك الدم وصلي) فكانت تغتسل لكل صلاة، وقيل: كانت تجمع بين الصلاتين جمعاً صورياً باغتسال في كل أوقاتها، وسيأتي تحقيق ذلك في باب الحيض.

إذاً: ما خرج من السبيلين على غير هيئة معتادة كسلس الدم باستحاضة، أو سلسل البول من الرجل أو المرأة، أو سلسل الريح: وهو أن يخرج بدون تحكم من صاحبه بل يغلبه عليه، فإنه يتوضأ عند دخول الوقت لكل صلاة، فإذا خرج بعد ذلك وهو على غير حالة معتادة، وبغير اختيار منه يكون قد انتقض وضوءه، وعليه وضوء آخر.