للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختلاف العلماء في ميراث الخال]

قال المصنف رحمه الله: [وعن المقداد بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الخال وارث من لا وارث له) أخرجه أحمد والأربعة سوى الترمذي، وحسنه أبو زرعة الرازي، وصححه الحاكم وابن حبان] .

الخال أخو الأم، والعم أخو الأب، فهذا العم -أخو الأب- وارث، والخال -أخو الأم- أيضاً لابد أن يرث، والعجيب: أن الجمهور لا يقولون بهذا، يقولون: الخال ليس بوارث، لأنه إن كان وارثاً بفرض فأين فرضه، وإن كان بتعصيب فهناك حديث: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر) ، وإذا ورثتم الخال فلماذا لا تورثون الخالة، والعمة مع العم؟ إذاً: أوقفوا العمل بهذا الحديث إلا بعض من هو خارج عن المذاهب الأربعة، ونحن لا نستطيع أن نتتبع هذه الشواذ، إلا أن المعروف عن طوائف من الشيعة أنهم يورثون الخال، ويجعلون له ميراثاً لا على الحديث فقط، فقوله: (الخال وارث من لا وارث له) معناه: إذا وجد وراثٌ للميت مع وجود الخال فإن الخال لا شيء له؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (الخال وارث من لا وارث له) .

قال بعضهم: الخال هنا بمعنى بيت المال.

وهذه بعيدة جداً، وردوا عليهم وقالوا: لو كان يريد ذلك لقال: (أنا وارث من لا وارث له) .

يهمنا في قضية الخال: أن الجمهور تركوا العمل بهذا الحديث للحديث المتقدم: (ألحقوا الفرائض بأهلها) ، وليس الخال صاحب فرض لا في الثمن ولا الربع ولا النصف ولا الثلثين ولا الثلث ولا السدس، إذاً: ليس له فرض.

قوله: (من لا وارث له) ، ما حكم العصبة؟ إذا وجد أصحاب الفرائض ما هو موقف الخال، والشيعة لما ورثوه أنزلوه منزلة الأم كما ينص الحلي في كتابه الشرائع: لو مات عن خال وعم، فللخال الثلث، وللعم الثلثان؛ لأنه لو وجدت الأم مع العم يكون لها الثلث؛ لعدم الفرع الوارث ولعدم وجود جمع من الإخوة، فلها الثلث، قالوا: فيأتي الخال وينزل منزلتها، ويأخذ حقها.

إذا: هذا الحديث لم يعمل به الجمهور لمعارضته لما هو أقوى منه، ولمخالفته لمدلول قوله: (ألحقوا الفرائض بأهلها، وما بقي فلأولى رجل ذكر) .

بقي أن يقال: الخال والخالة والعمة من ذوي الأرحام، وبنت البنت وابن البنت، وكل الأقرباء الذين لا ميراث لهم فهم من ذوي الأرحام، والخلاف في توريث ذوي الأرحام موجود عند الفقهاء، فمنهم من يورث، ومنهم من يقول: بيت المال أولى منهم إن انتظم، أي: إن كان موجوداً ويتقبل ميراث من ليس له وارث، ويتولى الإنفاق على مصالح المسلمين.