للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم كتابة الوصية والإشهاد عليها]

يقولون: لا يشترط في كتابة الوصية التي يبيت وهي مكتوبة تحت رأسه إشهاد الشهود.

وقوله: (إلا ووصيته مكتوبة تحت رأسه) ، تحت رأسه، هل يتركه للأولاد يلعبون بها؟ وهل يتركها تذهب وتجيء مع الفراش وتضيع؟ الجواب: لا.

وإنما الغرض شدة الحرص على كتابة الوصية قبل أن يصبح، وقالوا: ليس الغرض بالليلة أو الليلتين التحديد ولا مفهوم لها، فتصح ولو بعد أسبوع ولكن الحديث جاء للحث والتأكيد على الإسراع بالوصية.

ويلحق العلماء هنا حكم الأمر بكتابة الوصية، فلو أنه أشهد جماعة من الناس في مكان من العادة أنهم يجتمعون فيه، في ناديهم، أو في مسجدهم، أو في مجلسهم الذي هو محل اجتماعهم فقال: أشهدكم أن فلاناً له عندي دين قدره كذا، أو أشهدكم أن فلاناً له عندي أمانة بكذا، أو أشهدكم أني أوصي بالنخل الفلاني صدقة جارية بعد موتي، فيصح، يعني: أنه يجزئ عن الكتابة إعلانه بما يريد أن يكتبه على جماعته أو على أحد من رهطه الذين في محلته، حتى إذا فاجأه الموت وجاء صاحب الأمانة يطلبها وجد من يشهد له بها، أو جاء صاحب الدين يطلبه جاء من سمعه المدين فشهد له بدينه وهكذا، والغرض من ذلك حفظ الحقوق.

وبهذا يبين لنا المصنف رحمه الله تعالى حكم الوصية في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما حق امرأ مسلم ... ) الحديث، ويؤيد هذا قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة:١٨٠] .

وقد أشرنا إلى الأحكام التي تعتري الوصية من الوجوب إلى الندب إلى الكراهية إلى الإباحة إلى التحريم، فلو أوصى لكنسية أو لكتب بدعة فهي وصية محرمة ولا تنفذ.