للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جواز الجمع الصوري للمستحاضة]

ثم قال عليه الصلاة والسلام: (فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ثم تغتسلي حين تطهرين) .

هنا بين كيفية اغتسالها للظهر والعصر معاً، بأن تؤخر الأولى إلى آخر وقتها، وتقدم الثانية إلى أول وقتها، وتغتسل غسلاً واحداً لهما، وفي الحديث الأول: الوضوء لكل صلاة، وهنا قال: (فإن قويت) ، أي: إذا كان لا يشق عليك، لا يوجد شدة برد، أو قلة ماء، أو عدم تحمل الماء.

إذاً: المبدأ الأساسي مع حمنة أن تتوضأ لكل صلاة بعد الغسل عن الحيضة، لكن الأكمل والأطيب إن قويت أن تؤخر الظهر، وتقدم العصر، ثم تغتسل لهما، وتؤخر المغرب، وتقدم العشاء، وتغتسل لهما، ثم تغتسل للصبح في وقتها، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ثم تغتسلي حين تطهرين، وتصلي الظهر والعصر جميعاً، ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين؛ فافعلي) .

وهل قوله: (تجمعين بين الصلاتين) جمع حقيقي فتصلي إحداهما في وقت الأخرى أم هو جمع صوري بأن تصلي كل صلاة في طرف وقتها؛ فهذه في آخر وقتها، وتلك في أول وقتها؟ هو جمع صوري، وليس بجمع حقيقي؛ لأن كل صلاة وقعت في وقتها.

ثم قال عليه الصلاة والسلام: (وتغتسلين مع الصبح وتصلين) قال: وهو أعجب الأمرين إلي.

قوله: (وهو أعجب الأمرين إلي) ، اختلف العلماء في هذه الجملة، هل هي من قوله صلى الله عليه وسلم أو من قولها هي؟ والأمران هما: الوضوء لكل صلاة، والغسل للصلاتين، فأيهما أعجب في الحكم؟ الأعجب في الحكم الاغتسال والجمع بين الصلاتين، لكن من قال: أعجب إلي؟ جل العلماء أن هذه الجملة راجعة إلى حمنة، فهي قالت: هو أحب الأمرين إلي، أي: أن أغتسل للصلاتين معاً، وأؤخر الظهر وأقدم العصر.

وقد كانت بعض المستحاضات تغتسل لكل صلاة، قال الجمهور: هذا من عندها هي، ولا موجب لإعادة الغسل بعد انتهاء فترة الحيض، سواء كان بالأيام أو كان باللون، فالغسل للحيض واحد، سواء اعتبرناه بلونه أو اعتبرناه بأيامه، فما الموجب للغسل بعد ذلك؟ والدم الخارج بعد الحيض دم نزيف، وهو لا يستوجب غسلاً، ولكن كان ذلك أحب إليها احتياطاً وتورعاً وإنقاءً لنفسها، فكانت تغتسل وتجمع بين الصلاتين.

إذاً: الحديث الأول موضوعه: تمييز الحيضة من الاستحاضة باللون، وأن تغتسل للحيضة ثم تتوضأ لكل صلاة، أو تغتسل للظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً، والحديث الثاني بين أن اغتسالها للظهر والعصر وجمعها بينهما يكون جمعاً صورياً، وهذا أحب الأمرين للرسول صلى الله عليه وسلم أو للمرأة، على الخلاف، والجمهور أنه للمرأة.