للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تتمة وصف عائشة لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: عائشة رضي الله عنها، وقولها: (كان يفتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين) .

وهل الأولى حملها على القراءة العامة أو القراءة الخاصة؟ العامة، وهذا أصح، وهذا يجنبنا مشاكل كثيرة، ويقرب الطريق عندنا، فإذا قرأ سورة الحمد لله وما تيسر معها، فبعد القراءة سيكون الركوع، وكيف كان ركوع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قالت: (فإذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه) ، تقول: هذا الشاخص، والعمود هذا يسمى شاخصاً، ويشخص بمعنى: يرفع، ويخفض بمعنى: ينزل، إذاً لا هذا، ولا ذاك، ولكن بين الأمرين، يستوي رأسه صلى الله عليه وسلم مع ظهره، حتى قالوا: لو وضعت قدحاً على ظهره صلى الله عليه وسلم وهو راكع لم يتدفق القدح لاعتداله.

(فإذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه؛ ولكن بين ذلك) ، بين أن يشخص وبين أن يصوب، ومعناه: الاعتدال، لا زاوية منحرفة، ولا زاوية حادة، بل زاوية قائمة.

(وكان إذا رفع من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً) ، وهكذا بعد الركوع لا يهوي إلى السجود حتى يستوي -والاستواء الاعتدال- قائماً، وهذا نص على الذين يقولون: ما بين الركوع والسجود ركن خفيف، ويكفي فيه مجرد إشارة اللفظ، فيكون راكعاً ثم يهوي إلى السجود، والحركة لم تنقطع بعد، وعند نقطة الصفر من الاعتدال يبدأ بالنزول، لكن قول أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: (إذا كان راكعاً لم يسجد حتى يستوي -أي: يعتدل- قائماً) يعني بعد الركوع.

إذاً: الاعتدال بعد الركوع ركن، وتأتي موضوع الطمأنينة، فليست مجرد اعتدال إلى نقطة الصفر، بل طمأنينة مع هذا الاعتدال.

(وكان إذا رفع رأسه من السجدة؛ لم يسجد حتى يستوي جالساً) ، كذلك بين السجدتين، وهو مثل الاعتدال ما بين الركوع والسجود؛ لأن البعض أيضاً يقول: الجلسة بين السجدتين ركن خفيف، فلو سجدت ثم رفعت رأسك وقبل أن تعتدل رجعت وسجدت فلا بأس، والبعض ما يرفع يديه من الأرض بعد حتى يعود، وهذا خطأ في الصلاة؛ إذ لابد أن يعتدل قاعداً بين السجدتين، ولابد أن يظهر منه هيئة الجالس بين السجدتين.

(وكان يقول في كل ركعتين التحية) ، وهذا وصف عام، في كل ركعتين سواء كانت الصلاة كلها ركعتين، أو كانت الصلاة ركعتين وزيادة، فكل ركعتين فيها تحية، الصبح ركعتان وفيها تحية، والظهر أربع، وفي كل ركعتين تحية، تحية بعد الركعتين الأوليين، وتحية بعد الركعتين الأخريين، والمغرب ثلاث، فيها تحية بعد الركعتين الأوليين، وتحية عند الأخيرة ويسلم.

انظروا إلى هذا الإجمال في الصلاة! يقرأ التحية، وما هي التحية؟ لم تذكر، ولها نص مستقل، كذلك يركع ويسجد، وماذا يقول في ركوعه وسجوده؟ لها نصوص مستقلة، وإنما هي تصف الحركات الظاهرة من أعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم.