للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من معاني السلام بين المسلمين]

قوله: [السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين] .

كان يقول الصحابة: السلام على الله، السلام على رسول الله، السلام على فلان فعلمهم أن يقولوا: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا) ، والسلام: هو الدعاء بالأمان، وهو تحية الإسلام، وتحية أهل الجنة في الجنة، وهو شعار المسلم، مع المسلم بأن يعلن له أنه آمن، السلام عليك: أي أنت سالم مني، وكأنه أعطاه عهد بالأمان والسلامة فلا يخاف شراً.

وهذا أعظم ما يكون بين المتلاقيين ولو لم يعرفه، ولذا معلوم في الفطرة والجبلة: لو أن إنساناً لقي آخر ولم يسلم عليه عرف أن عنده نية شر؛ لأنه ما بدأ بالسلام.

والسلام في التحية له آدابه، وقد عقد له البخاري باباً في الأدب المفرد، وجاءت النصوص في السلام العادي والتحية بين الناس بـ (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ، وهي أكملها، جاء أن رجلاً مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فقال: (السلام عليكم، وجلس، فردوا عليه، وقال الرسول: عشر -أي: عشر حسنات-، وجاء الثاني وقال: السلام عليكم ورحمة الله، فردوا عليه، فقال الرسول: عشرون -أي: عشرون حسنة- وجاء الثالث وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردوا عليه التحية، فقال صلى الله عليه وسلم: ثلاثون، قالوا: ما عشرة وعشرون وثلاثون يا رسول الله؟! قال: الأول قال كلمة واحدة: السلام عليكم، والحسنة بعشر أمثالها، والثاني قال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال كلمتين، والحسنة بعشر أمثالها، والثالث قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهي ثلاث كلمات بثلاث حسنات، والحسنة بعشر أمثالها) .

أو كما قال رسول الله.

ودائماً يا إخوان! إذا وجدت في الحديث النبوي متفرقات فاعلم بأن هناك رابطة، كحديث: (آمين آمين آمين) على درجات المنبر الثلاث، وهنا: (السلام عليك أيها النبي، السلام علينا وعلى ... ) ، موجود الارتباط القوي، بل هو أقوى ما يكون، وظاهر وواضح جداً.

وبدأ بالنبي؛ لأن الفضل كله من الله على يديه، وجلوسنا في التشهد وتلفظنا بالتحية وسلامنا المبدأ الأول فيه من الله على يدي رسول الله فهو الذي علمنا ذلك.

يلي هذا (علينا) ، وفي الحديث لما جاء رجل وقال: (عندي دينار، قال: أنفقه على أهلك، على زوجك، على على وقال: أولاً: ابدأ بنفسك) ، وهنا الحديث بدأ بالرسول، ولِم لم يقل: السلام علينا، والسلام على النبي، والسلام على عباد الله؟ كما هو الترتيب الطبيعي، لا، {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب:٦] (والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه) ، فهو مقدم على النفس.