للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الركوع قبل الدخول في الصف]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.

أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [وعن أبي بكرة رضي الله عنه أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد) رواه البخاري، وزاد أبو ذر فيه: (فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف) ] .

أبو بكرة رضي الله تعالى عنه له قصة في تسميته بهذا الاسم، فلما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم ثقيفاً في الطائف وطال الحصار تدلى هذا الصحابي الجليل -واسمه نفيع بن الحارث- من على سور الطائف على بكَرة، وهي: ناقة الإبل، أو التي يُسحب عليها الحبل، فإما أنه كانت ناقة عند السور فتدلى ونزل على ظهرها ثم نزل إلى الأرض، وإما جاء ببكرة وأدخل الحبل في البكرة وتدلى حتى نزل.

فأياً كان سبب التسمية فيهمنا فيما فعل وموقف النبي صلى الله عليه وسلم منه.

يقول أبو بكرة رضي الله تعالى عنه انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو أتيت المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكعاً، فخشيت أن يرفع رأسه فتفوتني الركعة، فركعت قبل أن أصل إلى الصف، ثم دببت حتى دخلت فيه.

فصورة ما حدث أنه لما دخل المسجد ورأى النبي صلى الله عليه وسلم راكعاً خاف أن يرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من الركوع، وفتفوته الركعة، فركع ودب ماشياً حتى دخل في الصف.

فالذي فات أبا بكرة من الركعة تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة.

أما تكبيرة الإحرام فعلى المسبوق في مثل صورة أبي بكرة أن يأتي بتكبيرة الإحرام قبل أن يهوي راكعاً، ويتعين عليه ذلك، وإذا كان قد ضاق الوقت عليه فهي تكفيه عن تكبيرة الانتقال من القيام إلى الركوع.

فحين يكون الإنسان قائماً ويريد أن يركع يكبر تكبيرة ثانية بعد تكبيرة الإحرام، فإذا جاء والوقت ضيق، وكبر تكبيرة الإحرام وركع فإن تكبيرة الإحرام تجزئه عن تكبيرة الانتقال، لكن إذا كبر ونوى بها تكبيرة الركوع لم تنعقد صلاته.

فعلى المسبوق في مثل ذلك أن يأتي بتكبيرة الإحرام وهو قائم وصدره إلى القبلة، أو -كما يقال- ووجهه إلى القبلة.

وبعد أن يأتي بالتكبيرة يكون قد أدرك تكبيرة الإحرام، ثم بعد تكبيرة الإحرام وقبل الركوع قراءة الفاتحة، وهذا ركع ولم يقرأ، فتدارك تكبيرة الإحرام قبل أن يدخل في الصلاة، وهذا فعله واجتهاده.

وبعدما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (زادك الله حرصاً ولا تعد) .

والنبي صلى الله عليه وسلم أحس بالدبيب، فسأل: من الذي فعل ذلك؟ قال أبو بكرة: أنا يا رسول الله، فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم عليه: (زادك الله حرصاً) ، فالحامل له على هذا الحرص على إدراك الركعة، فمن الممكن أن تكون ركعة ثانية أو ثالثة أو رابعة في الصلاة، لكنه حريص على أن يدرك هذه الركعة.

فأقره على حرصه، لكن سيأتي في المجيء إلى الصلاة قوله: (.

وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) .