للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم نقل الدم]

هنا مسألة، وهي حكم نقل الدم، ونقل الدم لا يكون إلا من إنسان إلى إنسان، ودم الإنسان نجس كما تقدم في أنه يغسل، وكما تقدم في الاستحاضة، ونصوص العلماء كثيرة في هذا.

ومسألة نقل الدم وجدت في الوقت الحاضر، ولم تكن موجودة في السابق.

وقد اختلف العلماء في حكمها.

فقوم قالوا: لا يجوز استعماله أبداً؛ لأن الدم نجس، ولا يجوز استعمال النجاسة في دواء ولا في غيره.

والآن -والحمد لله- كتبت رسائل، وألفت مؤلفات في هذا الموضوع، ولكن من الجانب الطبي، أما من ناحية الإباحة والمنع فكان مما حدث في بعض نوادي الجامعة الإسلامية أن سأل سائل: هذا الدم الذي ننقله لإنسان آخر حلال أم حرام؟! فتكلم المشايخ -جزاهم الله خيراً- وكل تكلم بما قد حضره، والشيخ الأمين -يغفر الله له- ساكت ما تكلم، ولا بشيء، فسأله الشيخ ابن باز رحمه الله: أراك -يا شيخ- ساكتاً لا تتكلم! قال: نعم -يا سماحة الشيخ- فماذا أقول، ليس عندنا آية من كتاب الله، ولا حديث من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع الجديد؟ فقال: ولكن لابد من القول، ولابد للإنسان المسلم أن يعرف أقوال العلماء في هذه الحالة، فلا نقول: الإسلام قاصر.

بل ويجب أن نجتهد.

فقال: إن كان ولابد فإننا نجد القرآن الكريم قرن الميتة بالدم في التحريم كما قال تعالى:، {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة:٣] ، ووجدنا القرآن الكريم يأتي بالرخصة في أحد المقترنين، وهي الميتة، قال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:١٧٣] ، فإذا جاءت الرخصة في المحرم أو أحد المحرمين، -وهي الميتة- للضرورة كما قال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:١٧٣] ، فإذا جاءت نقول: قرين الشيء يأخذ حكمه، فنقول: الدم قرين الميتة، فإذا وصلت بإنسان حالة شبيهة بحالة المخمصة التي يضطر فيها الجائع لأكل الميتة إنقاذاً لحياته، ويأثم إن ترك الأكل فكذلك أيضاً في نقل الدم؛ لأنها ضرورة تعادل تلك الضرورة، وإنقاذٌ لحياته، فيباح نقل الدم.

قال الشيخ ابن باز: ماذا نريد أكثر من هذا؟! ومهما بحثنا فلن نجد أحسن من هذا، فهذا يكفي.

وهناك قرار لهيئة كبار العلماء جاءت فيه أبحاث عديدة في التشريح والدم ونحوهما.

وهل يتعاطى ثمناً للدم الذي أعطاه المعطي أم لا؟! قالوا: الجواب: لا.

لأن الدم لا يباع، ولا يؤخذ ثمنه، ولكن يمكن أن يُكْرَم المعطي للدم من الطعام ومن الشراب ما يعوضه شيئاً من ذلك، فيشترى له ما يطعمه، وما يشربه من العصير، أو من الأشياء المباحة التي تعوض جسمه نشاطه، ونحو ذلك.

وعلى هذا أصبح موضوع نقل الدم قضية -كما يقولون- شائعة، وفتحت بنوك الدم، واتسع فيها بعض الناس، وأصبحت تجارة، ولكن موقف الإسلام من هذه القضية أنه يباح للضرورة.