للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دفاع الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم]

قال الله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات:٤] ، لما كانوا ليسوا كلهم سواء بل (أَكْثَرُهُمْ) .

إذاً: البعض منهم عنده عقل {أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} ، فمن لم يعقل فهو في حكم الجاهل، ولما كانوا على حكم الجهالة كان الحكم في الأخير {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، لجهالتهم.

هذه الآية تعتبر دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في من جاءوا وانتهكوا حرمة بيته وهو موجود فيه كرب أسرة.

وكما تقدم أنه قد يكون للشخص الواحد عدة جوانب، وكل جانب له لوازمه، فتأتي مثلاً إلى أمير دائرة، وهو رئيس الدائرة في دائرته له الرئاسة والأمر والنهي، إذا خرج إلى السوق ليتقضى بعض الشيء فهل أوامره التي يصدرها في الدائرة يملك أن يصدرها في السوق؟ لا.

فهو في السوق مثله مثل غيره.

إذا عاد إلى البيت، فهل منزلة الرئاسة وسلطانها تُفرض على البيت؟ الطفل الصغير يرد عليه ويعصي أوامره.

إذاً: جانب هذا الإنسان في رئاسته له حدود، وله صفات، وجانبه في السوق له مواصفات وحالات، وجانبه في البيت له صفات وحدود، فكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم.

في جانب الرسالة له حقوق الرسالة والاتباع، وفي جانب شخصه وتكريمه ونبوته له التوقير والتعظيم، وفي جانب كونه رب أسرة وفي بيته له جانب احترام حرمة بيته، وهكذا له عدة جوانب، وسيأتي الجانب الأخير بعد هذه الآية الكريمة.

من هنا أيضاً أيها الإخوة نرجع ونقول: كما أن الآيتين المتقدمتين معمول بهما إلى اليوم وإلى قيام الساعة في أنه لا يحق للمسلمين أن يتقدموا بين يدي الله ورسوله، ولا بين يدي سنة رسوله الموجودة الآن عوضاً عنه، وكذلك لا ينبغي لهم أن يرفعوا أصواتهم عنده حين السلام عليه، فكذلك هنا لا ينبغي لهم أن يأتوا من البعد وينادوا من وراء الحجرات للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا) عن هذا النداء (لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) في احترامهم لرسول الله، وفي توقيرهم لحرمة بيت رسول الله، وفي الأمر الذي جاءوا من أجله وهو مفاداة الأسارى.

<<  <  ج: ص:  >  >>