للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[على أي شيء يعود اسم الإشارة في قوله: (فإن فعلوا ذلك)]

قال: (فإذا فعلوا ذلك) هنا ناحية لغوية ينبه عليها علماء الحديث في أن: السياق يأتي في مقتضى صورة الشرط وجزائه (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا فإن فعلوا ذلك) ، ولكن جيء بـ (إذا) وهي لما يستقبل فقالوا: (إن) من باب التفاؤل، والحرص، والشفقة على الناس، قال: (فإذا فعلوا ذلك) أي: قبل القتال أو بعد القتال أو عند القتال، و (ذلك) : اسم إشارة للبعيد، يقول أهل اللغة: ذلك وذا وهذا كلها أسماء إشارة، ذا: للقريب جداً، هذا: للمتوسط، ذلك: للبعيد جداً، فقالوا: (إذا فعلوا ذلك) قد يكون المشار إليه حسياً في البعد والقرب والتوسط، وقد يكون المشار إليه معنوياً، وتستعمل (ذلك) للإشارة للبعيد لعلو مكانته وبعد منزلته، كما جاء في قوله سبحانه: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة:١-٢] مع أن (الم) جزء من الكتاب، فهو قريب جداً تنطق به، ولكن جاء لفظ الإشارة للبعيد لبعد المنزلة وعظم قدر القرآن الكريم.

فقوله: (فإذا فعلوا ذلك) اسم الإشارة (ذلك) راجعة على ماذا؟ على كل ما تقدم (حتى يشهدوا، وحتى يقيموا، وحتى يؤتوا) فمجموع ذلك إذا فعلوه (عصموا مني) وعصموا بمعنى: حفظوا، والعصمة الحفظ، والعصمة من الخطأ، والعصمة من القتل.

فإذاً: (عصموا) أي: حفظوا وصانوا وامتنع علي منهم دماؤهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، (عصموا مني) : منه وحده، أو من جميع المسلمين، أو من المقاتلين؟ لأن الأمر يرجع إليه هو صلى الله عليه وسلم، فمن قُتل قتل بأمره، ومن عُصم عصم بأمره صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يوجه السرايا ويتوجه بنفسه بالجيوش، أو يكفها ويوقفها ويمنعها، بصفته المسئول عن الأمة والمتكلم باسمها صلى الله عليه وسلم وهو المأمور بذلك.