للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علة عدم ذكر الصوم والحج في الحديث]

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة) ، وأشرنا إلى أن العلة في على عدم ذكر الصيام والحج؛ لأن العبادات قسمين: بدنية ومالية، والعبادات البدنية هي: الصلاة والصوم، فإذا كانوا يقاتلون حتى يصلوا، فكذلك حتى يصوموا، والعبادة المالية هي: الزكاة، فيلحق الحج بالزكاة، وقد جاء عن أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه في حق الحج أنه قال: (لقد هممت أن أبعث برجال لقبائل العرب ينظرون من يستطيع الحج ولم يحج فليفرضوا عليهم الجزية ما هم بمؤمنين ما هم بمؤمنين) ، ولكن ما قال: أقاتل، قال: أفرض الجزية؛ لأن استطاعة الإنسان للحج ليست قطعية، قد يكون في ظاهر الأمر مستطيعاً، وفي حقيقته غير مستطيع، ولكن يؤيد ما ذهب إليه عمر رضي الله تعالى عنه نص القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:٩٧] فمن استطاع ولم يحج قال عنه: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:٩٧] لم يقل: ومن لم يحج؛ لأن السياق {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران:٩٧] ومن لم يحج، هل قال: هذا شأنه والله غني عنه! لا؛ بل قال: (وَمَنْ كَفَرَ) فأطلق الكفر على من لم يحج وهو مستطيع، وهذه خطورة كبيرة.