للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسئلة الصحابة المذكورة في القرآن]

قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة:٢٢٢] ، والسؤال عن المحيض ليس فيه تعنت، فهو أمر يحتاجون إلى معرفة أحكامه في بيوتهم {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:٢٢٢] ، فهذا تعليم لأمور تتعلق بكل زوجين؛ ولذا جاء الجواب مفصلاً، وبعد ذلك لا ينسى أحد من الصحابة حكم المحيض.

وهكذا في أي أمر اختلفوا فيه أو التبس عليهم يسألون عنه، ويأتي الجواب كقوله: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة:٢١٥] ، وقوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة:٢١٩] ، سؤالان كلاهما عن الإنفاق، أجابهم مرة عن الجزء الذي ينفقونه وهو: العفو، أي: الزائد، وأجابهم مرة عن جهة الإنفاق، وأن أولى من تنفق عليه الوالدين والأقربين إلى آخره.

وقال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ} [طه:١٠٥] ، هذا مظهر من مظاهر الكون، وآية من الآيات المشاهدة الدالة على قدرة الخالق جل وعلا، فبين قدرته سبحانه فقال: {فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} [طه:١٠٥] .

وقوله عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة:٢١٧] ، وذلك قد وقع بالفعل، وانتهزها المشركون فرصة في الطعن على المسلمين، فقالوا: محمد صلى الله عليه وسلم يدعي أنه يعظم حرمات الله، وهو وأصحابه يقتلون الناس في الأشهر الحرم! {قُلْ} [البقرة:٢١٧] على واقع الحال، واعتراف بالواقع، ولكن بمقارنة {قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة:٢١٧] ، ولكن ماذا فعلتم أنتم؟! كفرتم بالله، وصددتم عن سبيل الله، ففعلكم أنتم أشد من خطأ هؤلاء الذين شكوا في كون الشهر دخل أم لا.

وقوله تبارك وتعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [البقرة:٢١٩] ، هي من المعاملات، كانوا يشربون الخمر، ويقامرون، ومن فاز بالميسر لا يأخذه ويتصدق به على المساكين، وأخذه إياه ليس على وجه حق، وإنما هو أكل لأموال الناس بالباطل عن غير طيب نفس، فالسؤال عن معاملات وأشياء واقعية يعاشرونها وتعايشهم، فجاء الجواب في القرآن عن هذا التساؤل.