للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قبول الأعمال المؤدية لدخول الجنة]

يذكر العلماء مسألة: هل مطلق هذه الأعمال يدخل الجنة أو أن هناك شروطاً لها؟ فبعضهم يقول: ما اجتنبت الكبائر.

وبعضهم يقول: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء:٣١] ، فاجتناب الكبائر مكفر للصغائر؛ ولكن الكبائر بنفسها.

جاءت الأحاديث: (الجمعة إلى الجمعة مكفرات لما بينهما) .

وفي بعض الروايات: (ما اجتنبت الكبائر) وجاء في العمرة (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) .

وجاء أيضاً: (من قال (لا إله إلا الله) خالصاً من قلبه دخل الجنة) ، فقالوا: هذه مطلقة بدون عمل.

قالوا: لا.

تلك الأحاديث العامة المطلقة تقيد بالأحاديث الأخرى، فقد جاء عن الصديق رضي الله تعالى عنه أنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم امتنع بعض العرب عن أداء الزكاة، وارتد البعض منهم، فقام الصديق في جمع الزكاة ومقاتلة مانعيها، فقال له عمر رضي الله تعالى عنه: (أتقاتل قوماً شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟! فيقول الصديق: والله! لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة.

قال عمر: أتقاتل قوماً يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟! فقال له الصديق: ألم يقل رسول الله: (إلا بحقها) ؟ والزكاة والصلاة من حق (لا إله إلا الله) .

وقدمنا مراراً أن لوازم (لا إله إلا الله) : ألَّا يعبد غير الله، ولا يصرف شيء من العبادة لغير الله؛ لأنه اعترف بأنه لا مألوه بحق ولا يستحق الألوهية والعبادة إلا الله.

ومقتضى (محمد رسول الله) : أن يطيع الله بما أرسل به رسوله.

إذاً: كل ما أمر الله به وكل ما نهى الله عنه داخل ضمن (لا إله إلا الله) .

ثم قالوا: لم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل اجتناب المحرمات، وقلتم: إن فعل الطاعات وأداء المفروضات يدخل الجنة، فأين ترك المحرمات؟ قالوا: إن من حكمة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى هذا الرجل ووجد إقباله على الله وإخلاصه فيما سأل، عرف من حاله أنه ليس من أهل المعاصي، كما جاء في قصة الطفيل أنه لما ذكر: (.

وتترك المحرمات، قال: أما هذه فلا شأن لي فيها) أي: لست من أهلها.

فقالوا: إنه إن حافظ على الصلوات المكتوبة، وحافظ على صوم رمضان، فإن صلاته ستنهاه عن تلك المحرمات، {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:٤٥] .

وهكذا -أيها الإخوة- في هذا الحديث المبارك بيان لأقل ما يقتصر عليه العبد؛ ولكن لا ينبغي أن يفوت على نفسه الفضائل المتحصلة من تلك النوافل مخافة أن يقع في تقصير، أو يقع منه الخطأ، فيكون لديه الأمان والضمان.