للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إطالة القيام وقعود التشهد]

في الرواية الثانية أنه استثنى القيام والقعود؛ وذلك لأنهما أطول، والقعود هو التشهد، فالجلوس للتشهد معلوم أنه أطول من جنس السجود وجنس الركوع؛ وذلك لأنه يقرأ فيه التشهد ثم يأتي فيه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يأتي فيه بأدعية فهو أطول من أدعية الركوع أو أدعية السجود.

كذلك القيام أطول من الركوع؛ وذلك لأن فيه قراءة الفاتحة، ثم قراءة ما تيسر من القرآن، فهو أطول من جنس الركوع، وجنس السجود، بل قد يطيله إطالة كبيرة.

وأما الأحاديث التي فيها أن ركوعه بقدر قيامه، فالمراد أنه يطيل الركوع إذا أطال القيام، ويقصر الركوع إذا قصر القيام، فإذا قام في الصلاة وقرأ قراءة طويلة يعني: قدر عشر دقائق أو خمس عشرة دقيقة فإنه يطيل الركوع نحو دقيقتين أو ثلاث دقائق، وإذا خفف القراءة فجعل القراءة قدر خمس دقائق، أو سبع دقائق، خفف الركوع وجعله دقيقة أو ثلثي دقيقة، أو ما أشبه ذلك، فالمعتاد أنه إن أطال ركني القيام والقعود أطال بقية الأركان، وإن قصر قصر.

والإطالة لها أسباب، فقد يطيل بعض الصلوات كما أطال صلاة الكسوف إطالة زائدة، وكما أطال صلاة التهجد التي هي قيام الليل.

وفي ليلة في رمضان قرأ في ركعة واحدة أكثر من خمسة أجزاء، البقرة ثم النساء ثم آل عمران، ثم ركع فأطال الركوع، فهذا دليل على أنه كلما أطال القيام أطال ما بعده، ولكن لا يلزم التساوي، فلا يلزم أن قيامه إذا كان نصف ساعة يكون ركوعه نصف ساعة، بل يطيله بقدره.

وبكل حال فإن الأذكار قد وردت، فورد في الركوع قوله: سبحان ربي العظيم، وورد أنه يعظم فيه الرب لقوله: (عظموا فيه الرب) وتعظيم الرب يكون بالألفاظ الدالة على العظمة سواء من القرآن أو من غيره، فإذا قال في الركوع: اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض، وما أشبه ذلك، أو قال: اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء إلى آخره، فهذا يعتبر تعظيماً يكون مناسباً في الركوع.

وإذا أتى في السجود بالدعاء أو بالتسبيح فقد امتثل ما أمر به؛ لأنه مأمور في السجود بأن يكثر من الدعاء، سواء أدعية قرآنية كأن يقول: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:٢٨٦] ، {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران:٨] ، {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:٢٣] ، أو أدعية من الأدعية النبوية الواردة كقوله: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، أو اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، وما أشبه ذلك من الأدعية فيعتبر أيضاً ممتثلاً.

فالحاصل أنه يشرع أن يشغل هذه الأركان بالذكر وبالتسبيح وبالثناء على الله تعالى وبالدعاء حتى يأتي فيها بروح الصلاة وبلبها وهو الخشوع والخضوع وحضور القلب.