للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحكام السفر لا يعمل بها إلا بعد مفارقة العمران]

السؤال

إذا أراد رجل السفر إلى بعض البلاد وأذن المغرب وهو لا زال في بلده، فهل يصلي المغرب والعشاء جمعاً قبل خروجه من البلد؟

الجواب

الصحيح أنه ليس له حكم السفر ولا حكم المسافر حتى يفارق البيوت العامرة، فإذا جدّ به السير، وخرج من حدود البلد ولو بقي بعض البيوت الخارجة غير مسكونة، ففي تلك الحال يجوز له القصر والجمع، أما ما دام أنه في داخل البلد، أو فيما يلحق بالبلد كمطار الرياض -فهو متصل بالرياض، وفيه سكان من أهل الرياض، فله حكم البلد- فليس له أن يجمع فيه؛ لأنه بذلك يكون قد قدم صلاة قبل أن يدخل وقتها، كما أنه ليس له أن يقصر قبل أن يفارق عامر القرية ونحوها.

فإذا دخل عليه الوقت ثم أخر الفريضة حتى خرج من البلد، فالراجح عند العلماء أنه يلزمه الإتيان بالفريضة تامة.

مثال ذلك: إذا ركبت سيارتك مسافراً إلى مكة، وأذن الظهر وأنت في وسط البلد لم تفارقه، وإنما قطعت مثلا عشرة كيلومترات، أو عشرين، ولكن لم تزل البيوت عن يمينك ويسارك وأمامك، فواصلت السير، وبعد أن خرجت من البلد وسرت -مثلاً- مائة كيلو متر أو مائتين وقفت وصليت الظهر والعصر فصل الظهر أربعاً؛ لأنها وجبت عليك وأنت في البلد، فوجوبها يلزمك أن تؤديها أربعاً، وصل العصر ركعتين، فثبت أنه صلى الله عليه وسلم: (صلى الظهر بالمدينة أربعاً، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين) .

فقوله: (بالمدينة) الظاهر أنه إما في مسجده، وإما بعدما خرج من مسجده؛ وذلك لأن بين مسجده وبين ذي الحليفة ستة أميال، وهذه المسافة لا تقطع على الإبل إلا في زمن طويل، فيظهر أنه صلاها إما في المسجد ثم ركب في حينه، أو بعدما سار قليلاً.

الحاصل أنه لا يبدأ العمل بأحكام السفر حتى يفارق البلد.