للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم البيع والشراء بعد الأذان عند المساجد وغيرها]

السؤال

ما حكم البيع والشراء بجانب المساجد بعد الأذان، أي: بين الأذان والإقامة كما يفعل الآن؟

الجواب

نرى أنه بعد الأذان يشتغل المصلي بالطهارة وبالإتيان إلى المسجد، ويؤجل البيع والشراء إلى ما بعد الصلاة، سواء عند المساجد أو في الدكاكين أو في المتاجر أو نحو ذلك؛ لأن الله تعالى أمر بالسعي عند النداء للجمعة، فيلحق بها غيرها، كما في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:٩] ، فيلحق بها سائر الصلوات.

فإذاً على كل من سمع النداء للصلاة أن يتأهب لها، فيتطهر للصلاة ويتقدم، ويأتي بالنوافل التي قبل الصلاة، ويشتغل بالقراءة، ويشتغل بالذكر وما أشبه ذلك حتى تقام الصلاة، قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:١٠] يعني: إذا قضيت الصلاة وفرغ منها فله أن يذهب إلى متجره أو محله ويبيع بما يسر الله، وفي الرزق الحلال كفاية عن المشتبه، وكفاية عن الشيء الذي يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة، والله تعالى نهانا عن الاشتغال بالمال والولد ونحو ذلك عن الذكر، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون:٩] ، وأفضل الذكر هو الصلاة، والتقدم إلى المساجد من أفضل الأعمال، والملائكة يكتبون الأول فالأول.

والواجب على المسلم إذا سمع النداء أن لا يشتغل بشيء من أموره، لا بشهوته، ولا بتجارته، ولا بأمور دنياه، إلا إذا كان مضطراً لذلك، كحالة الصائم الذي يتناول حاجته من الطعام إذا كان صائماً؛ لأنه ورد أن الأكل بعد الأذان وقبل الصلاة من السنة بالنسبة للصائم، فتقديم الفطر على الصلاة هذا مستثنى، ويقاس عليه من كان شديد الحاجة إلى الطعام؛ للحديث الوارد، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة ووضع العَشاء فابدؤوا بالعَشاء) ، فعرفنا أن ذلك خاص بما إذا كان شديد الحاجة إلى الأكل وشديد الجوع، بحيث إنه إذا دخل في الصلاة لم يكن مطمئناً فيها ولا مقبلاً بقلبه عليها، فهنالك يقدم الأكل حتى يسد رمقه ليقبل على الصلاة بقلب فارغ.

ومعلوم أن الذين يشتغلون بالبيع وخاصة الذين يبيعون أشياء دنيئة، كسبهم أولاً دنيء ورديء بالنسبة إلى غيرهم، فهذه الفائدة التي يرجونها كدرهم أو خمسة دراهم أو نحو ذلك قليلة بالنسبة إلى ما يفوتهم.

ثانياً: أنه لا يفوتهم شيء، فالذي يشتري منهم قبل الصلاة إذا لم يجد قبل الصلاة وبعد الأذان فإنه سيرجع إليهم بعد الصلاة فيشتري منهم حاجته، فلا يفوتهم شيء، وإذا فاتهم احتسبوا ذلك عند الله تعالى.