للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحكام البيوع]

قال المصنف رحمنا الله تعالى وإياه: [كتاب البيوع: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً، أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك؛ فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع، فقد وجب البيع) .

وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا -أو قال: حتى يتفرقا-، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما) ] .

ابتدأ المصنف بالأحاديث التي تتعلق بالمعاملات، والمعاملات هي التعامل بين الناس في طلب المكاسب وطلب الأرباح وطلب الحاجات، وأشهرها البيوع، وجمعت لأنها جمع بيع، والبيع: هو مبادلة مال أو منفعة مباحة بمثل أحدهما على التأبيد، غير رباً وقرض، والمنفعة المباحة مثل الدار، والمعنى أن البائع يستبدل بسلعته الثمن، والمشتري يستبدل بماله السلعة، فكأنهما تبادلا، يقول أحدهما: أعطني هذه السلعة وأعطيك هذا الثمن، أو: أعطني هذا الثمن وأعطيك هذه السلعة، فهذا معنى المبادلة.

وهذه المبادلة تسمى (البيع) ، وذكره الله تعالى في قوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:٢٧٥] ، وفي قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:٩] وما أشبه ذلك، فهذا البيع هو الذي ورد في السنة إباحته، وبلا شك أنه من ضروريات الحياة؛ لأن الإنسان تتعلق حاجته بما في يد غيره، وصاحبها لا يدفعها له ولا يبذلها إلا بعوض، فجعل الله هذه المعاوضة ليحصل بها منفعة للطرفين.