للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم ضالة الإبل والبقر والخيل]

قال عن ضالة الإبل: (مالك ولها! معها سقاءها وحذاءها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها) ، الإبل تمتنع من السبع، تمتنع من الذئب، ومن الضبع، ومن السباع الصغيرة، وقد تجتمع عليها الذئاب الكثيرة وتفترسها، أو قد يسلط عليها سبعٌ كبير كالأسد والنمر، ولكن ذلك نادر، فلأجل ذلك نعمل بالأصل، فنقول: إن الأصل امتناعها.

ويلحق بها أيضاً البقر، فالبقر في الغالب تمتنع من السباع، وتقدر أن تتخلص إذا هاجمها ذئب أو نحوه.

ويلحق بها أيضاً الخيل، فهي تمتنع لعدوها أو قوتها من صغار السباع وما أشبه ذلك، فهذه الأصل لا تلتقط، فلا يجوز إذا وجدت بعيراً أو فرساً أو ثوراً كبيراً يمتنع أن تلتقطه، بل يترك إلى أن يجده صاحبه، أو يرد على صاحبه، فالغالب أنه يعرف الأماكن ويعرف الطرق، ويذهب إلى أهله، ويرد المياه التي قد اعتاد ورودها، فلا يجوز تعرضك لهذه الدواب ونحوها، لكن إذا وجدتها قد تردت، فلك أن تأخذها، إذا وجدت مثلاً بعيراً يكاد أن يموت من الظمأ، أو وجدته قد هزل وبرك ولم يكن باستطاعته أن يقوم، فأنقذته وعلفته وسقيته، ففي هذه الحال يكون لقطة، لك أن تأخذه وتملكه، وكذلك إذا وجدته قد عيي وتركه أهله لعيه ولهزاله، وعرفت أنهم لا يريدونه ولا يرغبون فيه، ففي هذه الحال أيضاً لك أن تلتقطه وتملكه لمعرفتك بأن أهله قد زهدوا فيه.

وأولاد البقر وأولاد الإبل تلتقط، ولد الإبل الصغير يسمى فصيلاً، وولد البقر يسمى عجلاً، وولد الخيل يسمى فلواً، فهذه لا تمتنع؛ فلأجل ذلك يجب التقاطه إذا خيف أن يعتدي عليه السبع، وكان في مهلكة ولم يكن مع غيره، والعادة أن البقر إذا اعتدى عليها السبع فإنها جميعاً تتحامل وتطرد السبع، وتنتصر منه، فلا يجوز التقاط مثل هذا.

أما الذي يجوز التقاطه فهو ما لا يمتنع كأولاد البقر الصغار إذا كانت وحدها، أو أولاد الإبل الصغار إذا كانت وحدها، وكذلك الغنم معروف أنها لا تمتنع، وأن السبع يعتدي عليها ويفترسها.