للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى العزل وحكمه]

من أسباب منع الحمل العزل: وهو الإنزال خارج الفرج، إذا أحس بالإنزال نزع وأنزل في غير الرحم حتى لا ينعقد الولد، وهذا العزل قد يحصل به مقصد الرجل وهو فتور أو قضاء وطره وشهوته، ولكن المرأة قد تتضرر؛ وذلك لأن لها حقاً ولها شهوة، فإذا نزع قبل أن تقضي وطرها تألمت وتضررت؛ لذلك ورد حديث -وإن كان في إسناده مقال- أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل، فقال: (ذلك الوأد الخفي) فسماه وأداً، يعني: قاتلاً للأولاد، ولكنه قاتل خفي، وهو أن العرب كانوا يقتلون الإناث ويسمون ذلك وأداً كما في قوله: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:٨-٩] ، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات) .

فهكذا ورد أن العزل يسمى الوأد الخفي، ولكن هذه الأحاديث أصح من ذلك الحديث، فـ جابر يقول: (كنا نعزل والقرآن ينزل) ، وأكثر ما كانوا يعزلون عن الإماء حتى لا تحبل الأمة فلا يتمكن من بيعها، ومع ذلك لم ينههم القرآن أي: لم ينزل في القرآن نهي عن استعمال العزل، وسواء كان القصد منه عدم إضرار المرأة، أو القصد منه عدم الحمل أو منع الحمل أو نحو ذلك، فهذا سبب من أسباب منع الحمل، يعني: الإنزال في غير الرحم، وظاهر الحديث أنه جائز، والدليل من الحديث الأول قوله: (ولم يفعل أحدكم ذلك؟ ولم يقل: لا يفعله) ، كأنه يقول: لماذا يفعله؟ (ما من نفس مخلوقة إلا الله خالقها) .

وفي بعض الروايات: أن رجلاً جاء وقال: (يا رسول الله! إن لي أمة، وإني لا أريد أن تحمل وإني أعزل عنها، فقال: ما عليك ألا تفعل -يعني: جائز لك أن تفعل وألا تفعل- فإنه إذا أراد الله أن يخلقه لم تستطع أن ترده) ، وفي رواية: (لو وضعت هذا المني على صخرة وقد قدر الله أن يخلق منه ولداً لخلقه) .

وكثيراً ما يتحفظ الإنسان فينزع وينزل في خارج الرحم، ولكن قد يسبقه ولو قطرة يسيرة ينعقد منها الولد، فيحصل الحمل وإن لم يقصده، وإن لم يرده، وقد جاء في الرواية إن ذلك الرجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (إن الأمة التي حدثتك عنها قد حملت، فقال: قد أخبرتك أنك لا تقدر أن ترد ما قدر الله) ، إذا قدر الله خلق ولد من هذا الوطء فإنك لا تستطيع أن ترده، ولكن بكل حال هناك أسباب يحصل بسببها منع الحمل، ويحصل بسببها الحمل، وقد ذكر العلماء والأطباء أسباباً كثيرة تعين على الحمل، فإذا أراد أن تحمل زوجته من ذلك الوطء، فهناك صفات وأسباب تكون سبباً غالباً في عدم الحمل من ذلك الوطء وإن لم تكن مطردة.