للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحالات التي يجوز منع الحمل فيها]

رخص العلماء في منع الحمل في ثلاث حالات: الحالة الأولى: الزوجة قد تكون مريضة يشق عليها الحمل والوضع والحضانة والتربية، أو كانت مثلاً نحيفة ضعيفة لا تتحمل ذلك، ومتى حملت أضر بها ولقيت أوجاعاً ونحو ذلك، فلها والحال هذه أن تتعاطى ما يمنع الحمل.

الحالة الثانية: إذا كان أولادها ضعافاً، يعني: يخرجون وهم نحاف ضعاف عجاف مرضى، ويتتابعون وهم على هذا، ويكون في ذلك لمشقة عليها أن تحضنهم وأن تربيهم وأن تعالجهم وهم على هذه الحالة، فيؤدي ذلك إلى تضررهم مع كثرتهم؛ فلذلك قد يباح في هذه الحال علاجها بما يقطع أو بما يقلل الحمل.

الحالة الثالثة: لو قدر مثلاً أن الأبوين في بلاد كفر، وأنهم متى ولد بينهم أولاد تربوا على ما تربى عليه أهل تلك البلاد، درسوا دراسة الكفار، وخرجوا مع الكفار، فصار أولادهم زيادة في الكفرة، ففي هذه الحالة قد يقال: بجواز المعالجة التي تقلل الحمل أو تمنعه، وما ذاك إلا مخافة أن يرى أولاده يعتنقون الكفر ولا يستطيع أن يردهم.

وإذا عرفنا ذلك فنقول: كثير من الناس الآن يشتكون من كثرة الأولاد بحيث إن المرأة تلد في كل سنة ولداً إذا لم تتعالج بهذه العلاجات، ولم تتعاط الأسباب التي تمنع من الحمل، وهذا لم يكن معهوداً في الأزمنة المتقدمة قبل ثلاثين أو أربعين سنة.

ما كانوا على هذه الحال، ولعل السبب في ذلك أن المرأة قديماً كانت ترضع ولدها من ثدييها فكلما ولد لها ولد ألقمته ثدييها وحنت عليه وأشفقت عليه ودرت عليه، واعتقدت أن لبنها دواء وشفاء وأثر من آثار المحبة، ولا تحمل عادة ما دامت ترضع ولدها من صدرها، حيث إن الدم الذي هو دم الطمث الذي يكون غذاءً للحمل يقلبه الله لبناً، فإذا كانت ترضع فإنها في العادة لا يأتيها دم الحيض، فتبقى سنتين ما دام فيها لبن لا ترى الحيض، أين ذلك الحيض؟ ينقلب لبناً يمتصه الطفل من الثديين ويتوقف الحيض، وكانت هذا عادة كثير من النساء، فتبقى سنتين وهي ترضع الولد، ولو كان زوجها يجامعها كل ليلة فإنها لا تحمل، بل المني ينقلب أيضا لبناً، والحيض ينقلب لبناً، وكل ذلك يكون غذاءً لرضيعها، لكن بعض النساء قد تكون بنيتها قوية، وغذاؤها كثيراً، ودمها قوياً، فيؤثر أنه يصير فيها لبن ويصير أيضاً معها حيض، فينعقد الحمل ولو كانت ترضع، وأما التي لا ترضع ولدها، بل حينما تلده ترضعه من الألبان الصناعية، ويتوقف منها اللبن وتنشف، ويأتيها الحيض بعدما تخرج من الأربعين مباشرة، فالغالب أنه ينعقد حملها مباشرة بعد أول وطء، وهذا هو الواقع الآن كثيراً؛ ولذا يشتكون من كثرة الأولاد.

فنقول للزوج: لماذا لا تلزمها أن ترضع ولدها حتى يتوقف الحمل مدة سنتين أو سنة أو نحو ذلك، هذا في الأمر الأغلب؟ فهذا سبب.

السبب الثاني: يقولون: لو جامعها بعد الطهر بيوم أو يومين لا تحمل، أما بعد الطهر بثلاثة أيام أو بأربعة إلى نصف الطهر أو ثلثيه فإنها تكون قد أنزلت البويضة التي يخلق منها الحمل، فإذا جامعها في هذه الفترة انعقد الحمل بإذن الله، أما إذا جامعها في آخر الطهر أي: قبل الحيضة الثانية بعشرة أيام أو أسبوع ونحوه فإن ذلك الجماع لا ينعقد معه الحمل؛ وذلك لأنه قد انعقد أو قد اجتمع الدم الذي هو دم الطمث فلا ينعقد بذلك حمل إلا إذا قدر الله تعالى الحمل، فهذا سبب من أسباب توقف الحمل.