للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخلة وموقعها من المحبة]

وأما الخلة فهي أعلى أنواع المحبة، يقول الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني وبذا سمي الخليل خليلاً فالخلة أعلى أنواع المحبة، وقد أثبتها الله تعالى لإبراهيم في قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء:١٢٥] ، وثبت الحديث الذي سبق، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً) ، فالخليلان هما محمد وإبراهيم حازا هذه المرتبة التي هي أعلى أنواع المحبة.

وقد تطلق الخلة فيما بين الآدميين، فقد حكى الله عن قول بعض الكفار وهو في النار: {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} [الفرقان:٢٨] يعني: أحبه محبة قوية.

وكذلك أخبر عن أهل المحبة الدنيوية وسماهم أخلاء، قال تعالى: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:٦٧] ، وعلى هذا فالخلة أعلى أنواع المحبة، وقد ثبتت من الله تعالى لإبراهيم ثم لمحمد صلى الله عليه وسلم، فهما الخليلان.

فمن يقول: إن محمداً حبيب الله، وإن إبراهيم خليل الله، وإن المحبة أعلى من الخلة فقد أخطأ، بل الخلة أعلى من المحبة فهي أعلى صفاتها، وإبراهيم ومحمد كلاهما خليل الله تبارك وتعالى، وبقية المؤمنين والمتقين أحباء الله تعالى الذين يحبهم ويحبونه.