للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تنزيه الله عن الشبيه والكفؤ]

قال رحمه الله تعالى: [قوله: (فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية منعوت بنعوت الفردانية ليس في معناه أحد من البرية) .

يشير الشيخ رحمه الله إلى أن تنزيه الرب تعالى هو وصفه كما وصف نفسه نفياً وإثباتاً، وكلام الشيخ هنا مأخوذ من معنى سورة الإخلاص، وقوله: موصوف بصفات الوحدانية مأخوذ من قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] .

وقوله: (منعوت بنعوت الفردانية) من قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص:٢-٣] .

وقوله: (ليس في معناه أحد من البرية) من قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:٤] ، وهو أيضاً مؤكد لما تقدم من إثبات الصفات ونفي التشبيه.

والوصف والنعت مترادفان، وقيل: متقاربان، فالوصف للذات والنعت للفعل، وكذلك الوحدانية والفردانية، وقيل في الفرق بينهما: إن الوحدانية للذات، والفردانية للصفات، فهو تعالى موحد في ذاته متفرد بصفاته، وهذا المعنى حق ولم ينازع فيه أحد، ولكن في اللفظ نوع تكرير، وللشيخ رحمه الله نظير هذا التكرير في مواضع من العقيدة، وهو بالخطب والأدعية أشبه منه بالعقائد، والتسجيع بالخطب أليق.

و {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١] ، أكمل في التنزيه من قوله: (ليس في معناه أحد من البرية) ] .

قصد الطحاوي رحمه الله بذلك الزيادة في التوضيح والإثبات؛ فإن قوله: (فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية) يؤكد بذلك ما تقدم من إثبات الصفات ونفي التشبيه، فالله سبحانه وتعالى هو الواحد الأحد، موصوف بأنه هو الواحد، وقد ذكر ذلك في قوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة:١٦٣] ، وفي قوله: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} [المائدة:٧٣] .

فالوحدانية لا شك أنها خاصة به، فهو الواحد في صفاته، وهو الواحد في ذاته، ومعناه أنه لا يصلح أن يكون معه خالق غيره ولا معبود سواه.

كذلك هذا دل عليه قول الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] ؛ فإن الأحد يراد به المتوحد بجميع الخصائص، وكذلك قوله: (منعوت بنعوت الفردانية) دل عليه كونه لم يلد ولم يولد؛ فإن الله تعالى نزه نفسه عن الولد في عدة آيات رداً على من جعل لله ولداً، كالنصارى الذين قالوا المسيح ابن الله، واليهود في قولهم عزير ابن الله.

وكفار العرب في جعلهم الملائكة بنات الله، رد الله عليهم ذلك وأنكر عليهم في قوله تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} [الصافات:١٥٣] ، وفي قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف:١٩] .