للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإسراء والمعراج بروحه وجسده صلى الله عليه وسلم]

والصحيح أنه أسري ببدنه وبروحه، وأن الإسراء كان يقظةً لا مناماً، وذلك لأن قريشاً أنكرت هذا الإسراء واستبعدته، ولم تكن تنكر المنامات، فلو قال: إن ذلك منام، أو إن ذلك أحلام أو رؤيا لصدقوه؛ لأن الإنسان يرى في منامه أنه قطع مسافات وأنه وصل إلى كذا وكذا وهو نائم على فراشه لم يفارقه، فيعترفون بذلك، ولكن لما أخبرهم بهذا كذبوه، فدل على أن الإسراء كان بجسده، وأنه ركب البراق حقيقةً وذهب ورجع، وأخبرهم بآيات وبدلالات، واستوصفوا منه بيت المقدس، واستوصفوا المسجد الأقصى، فعند ذلك وصفه لهم وصفاً دقيقاً، وفي بعض الروايات أن الله تعالى جلَّاه له لما التبس عليه بعض الأشياء، فكشفه له وصوره أمامه فصار يصفه وهم يسألونه فيقول: هذا مكان كذا وهذا مكان كذا، مع أنه لم يأته إلا تلك اللحظة أو تلك اللحظات، فاعترفوا بأن الوصف مطابق لما هو عليه في الحقيقة.

فالإسراء كان يقظةًَ لا مناماً، بجسده وبروحه.

وهناك من يقول: إن الإسراء بالروح فقط، أي أن روحه خرجت وفارقت جسده، وأن الجسد بقي ليس فيه روح، وأن الروح صارت لخفتها فوصلت إلى ذلك المكان، ولكن هذا قول من الأقوال قد استدلوا عليه بقول الله تعالى في سورة الإسراء: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء:٦٠] ، ولكن الرؤيا ليست مطلق الحلم، بل الرؤيا كل شيء يُرى ويراه الإنسان يسمى رؤيا، فرؤية الأشخاص، قد تسمى في اللغة رؤيا.