للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا يحق لأحد أن يحلف على الله ولا بغير الله]

هاهنا رد على الذين يسألون الله تعالى بحق المخلوقين، ويقولون: إن المخلوق إذا كان مقرباً عند الله فله منزلة، وله حق على الله، وله رفعة، فهو إذا سألناه بحق نبيه أو بحق الولي فلان يجيب دعاءنا، فيقول أحدهم: أسألك بحق نبيك أسألك بحق الولي فلان أسألك بحق عبدك فلان عليك.

وهذا اعتداء في الدعاء، فالله تعالى يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعَاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:٥٥] ، والمعتدون في الدعاء هم الذين يدعون بإثم أو يدعون بذنب أو يدعون بشيء لم يُشرع لهم، ولا شك أن هذا لم يُنقل، فما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته أنهم سألوا بحق مخلوق، أو توسلوا بحق مخلوق، لا بحق فلان ولا بجاه فلان ولا بغير ذلك، فالمحذور فيه أنه حلف بحق مخلوق، والحلف بغير الله شرك، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) ، فإذا قال: بحق فلان أو بالنبي أو بالولي أو بجاه فلان، أو بشرفي أو بحياتي أو بحياتك يا فلان، أو ما أشبه ذلك على وجه التأكيد؛ اعتُبر قد حلف بمخلوق، فيكون هذا تعظيماً لذلك المحلوف به، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) ، وقال: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بالأصنام، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون) .

فأمرنا أن نتجنب الحلف بالآباء كما كان المشركون يحلفون بآبائهم أو بأمهاتهم أو بأصنامهم في قولهم: واللات والعُزَّى، ونحو ذلك.

وثبت أنه قال: (من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله) ، كأنه أشرك فأُمر بأن يجدد التوحيد؛ ليبطل الاعتقاد بأن اللات والعزى معظمتان أو أنهما تستحقان التعظيم.

فكذلك إذا حلف بالولي فلان، أو بـ علي، أو بـ حسن، أو بـ حسين، أو بـ عيدروس، أو بـ ابن علوان، أو بكذا وكذا؛ فإن هؤلاء مخلوقون لا يجوز الحلف بهم.

كذلك أيضاً سؤال الله تعالى بحق المخلوقين أو بجاه المخلوقين، هذا أيضاً شرك، وذلك لأنه ليس لأحد حق على الله تعالى إلا ما أحقه على نفسه.