للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحاكمون بغير ما أنزل الله مع اعتقادهم أنه أحسن من حكم الله]

القسم الأول: أنهم كفار، وهم الذين يعرفون حكم الله وينتقدونه، ويقولون: إن الحكم الشرعي لا يناسبنا، أو إن الحكم الشرعي الذي في القرآن والسنة قديم، ولا يناسب هذا الزمان، فنحن نبتكر ونبتدع حكماً يناسب هذا الزمان؛ حتى يوافق الحال.

فهؤلاء الذين يحكم أكثرهم بالقوانين الوضعية في هذا الزمان هم كفار والعياذ بالله، وذلك أنهم يعرفون الأحكام الشرعية المأخوذة من الوحيين، ولكن زهدوا فيها، ورموها خلف ظهورهم.

من أين أخذوا قوانينهم التي يحكمون بها؟ أخذوها من الغربيين، أخذوها من محاكاة الأفكار الغربية، ومن زبالة الأذهان الغربية، ومما تلقوه عن الغربيين وعن اليونان وعن الكفرة والملاحدة، فهم قد جمعوا لهم هذه القوانين ووضعوها، وجعلوا التحاكم إليها.

وكان من نتيجتها تعطيل الكثير من الحدود، وتغيير الكثير من الأحكام، فمنهم الذين لا يجعلون المال خاصاً، وهم الذين يسمون بالاشتراكيين ونحوهم، فهؤلاء طوائف كثيرة يتسمون بأنهم مسلمون، وينزعون الملكيات من أهلها، ويستبدون بها، ويتصرفون فيها، ويزعمون أن هذه اشتراكية، وكذبوا وإنما هي استبدادية، فهذا من جملة أحكامهم الجائرة.

كذلك من نتيجة أحكامهم تغيير كثير من الفرائض والمواريث التي فرضها الله، فهم غيروا فيها وحرموا كثيراً، وأعطوا من لا ميراث لهم، ونحو ذلك، ويطول بنا التفصيل لو ذكرنا ذلك.

كذلك من نتيجة أقوالهم تعطيل كثير من الحدود، فالقصاص عندهم لا يجوز، مع أن الله تعالى يقول: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة:١٧٩] سواء في الطرف أو في النفس، يستبدلون بدله أخذ المال من القاتل، أو نحو ذلك حتى يترك، أو يستبدلون بدله السجن المؤبد، أو نحو ذلك.

وكذلك تعطيل حد الزنا، حيث أباحوا الزنا إذا كان الزانيان متراضيين؛ لأن هذا شيء يملكانه، وقد بذلاه باختيارهما.

وكذلك تعطيل حد الخمر، حيث إن الخمر عندهم أمر مباح ليس فيه أي بأس، وأنها جائزة، وأن الحكم بتحريمها حكم ظلم وجور، وانتقدوا الشرع في تحريمها، إلى غير ذلك من تفاصيل هذه الأحكام الوضعية.

نقول: لا شك أن هذا كفر، حيث اعترضوا على الشرع وخطئوه، وادعوا أنه قد تغير، وأنه لا يناسب التطور -كما يقولون- فجعلوا حكمهم أحسن من حكم الله، والله يقول: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:٥٠] .

هذه مقالة هؤلاء الذين يجعلون الحكم بغير ما أنزل الله على حسب أهوائهم، فيحكمون بما يلائمهم ويتركون حكم الله وهم يعرفونه، ويطعنون في حكم الشرع، لا شك أن هؤلاء كفار: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:٤٤] .