للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإمامة العارضة يتسامح فيها ما لا يتسامح مع الإمامة الراتبة]

قد تدخل بعض المساجد وتجد الصلاة الأولى قد صليت، وتجد جماعة أخرى قد قدموا واحداً أنت تعرف أنه يدخن، أو تراه مسبلاً، أو تراه حليقاً، وتعرف منه مالا يعرف هؤلاء الذين يصلون خلفه، فماذا تفعل؟ نقول: صل خلفه ولا تصل وحدك؛ وذلك لأنه في هذه الحال صلاته عارضة، وليست مستمرة، وإنما إمامته إمامة عارضة، بخلاف ما إذا كان راتباً، أما إذا رتب في مسجد من عرف بالفسق وبالفجور، وبسماع الأغاني، وبالنظر إلى الصور، وبمغازلة النساء، وبالتساهل مع نسائه بإباحة السفور لهن أو نحو ذلك، فإذا عرف منه ذلك فلا يجوز إقراره في إمامة المسلمين؛ لأن في ذلك إظهاراً لمنكره، وتمكيناً له، فإن كونه يتولى الإمامة فيه شيء من تشجيعه وتقديمه ورفع معنويته، ورفع مستواه، وفي ذلك رفع للباطل على الحق، فعلى جماعة المسجد أن يسعوا جميعاً في عزلة عن الإمامة وعن الخطابة، ويسعوا في تولية من هو أهل، وعلى المسئولين بعد أن يتأكدوا من صحة ما رمي به وما وصف به، أن لا يقروه على هذه الإمامة، فإقراره فيه تقوية للمنكر، وإظهار لأهل المنكر، وعزله فيه إذلال وإهانة للعصاة، ودفع لهم عن التظاهر بالمعاصي.

وبكل حال معلوم أن صلاة الجماعة من واجبات الإسلام، وأن المسلمين مأمورون بأن يجتمعوا في مساجدهم، ويقدموا واحدا ًمنهم، ويصلوا خلفه، يركعوا بركوعه، ويتبعوه في السجود، وفي الرفع، وفي الخفض، وفي الحركات كما هو معلوم في كتب الفروع، ولكن لابد أن يكون الإمام قدوة حسنة؛ وذلك لأنه سمي إماماً، والإمام هو القدوة الذي يؤتم به، يقول عليه الصلاة والسلام: (إنما جعل الإمام ليؤتم به) ، حتى من جهة ترك المعاصي، ومن جهة صحة العقائد.