للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحقيق التوحيد يحرم دخول النار]

وردت أحاديث في تغليب الرجاء، وأن أهل التوحيد لا يدخلون النار، مثل حديث عتبان بن مالك (أنه صلى الله عليه وسلم ذكر عنده رجل يقال له: مالك بن الدخشم، فقال بعض الحاضرين: ذاك منافق، فقال: وما يدرك أنه منافق؟ أليس قد قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله؟! فقالوا: إنا نرى وده وميله إلى المنافقين، فقال: إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) ، وكذلك من حقق التوحيد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) .

فهذه تزكية من الله، وهذه شهادة من الرسول عليه الصلاة والسلام، بأن من أتى بهذه الشهادة حقيقة، وشهد بالجنة والنار، وشهد بالبعث بعد الموت، وشهد بما أخبر الله تعالى به، وكان بتلك الشهادة عن يقين وعن عقيدة راسخة صادقة؛ أثمرت تلك الشهادة العمل، وأثمرت شهادة أن لا إله إلا الله طاعة الله وعبادته، وأثمرت شهادة أن محمداً رسول الله اتباعه وتعظيم سنته، والسير على نهجه، وأثمرت شهادة أن الجنة حق: طلبها، والعمل لها، وكذلك أثمرت شهادة أن النار حق: الهرب منها، والبعد عن الأسباب التي توقع فيها.

وبلا شك فإن العمل الصالح يسبب لصاحبه دخول الجنة، والأحاديث كثيرة معروفة في أن الأعمال الصالحة قد رتب عليها دخول الجنة.

وهناك أحاديث كثيرة بينت أن هناك أعمالاً رتب على بعضها دخول النار، ولكن يظهر أن ذلك الدخول لأجل ذلك الذنب، ثم بعد التمحيص من ذلك الذنب الذي لم يصل بصاحبه إلى الشرك، وإلى الحكم بخلوده في النار، فإنه يعذب بقدر ذنبه، ثم يخرج من النار، وعليه تحمل أحاديث الشفاعة التي بين النبي صلى الله عليه وسلم فيها أنه يشفع في أهل لا إله إلا الله، وأنه سوف يخرج من النار أهل الإيمان بالله، ولا يبقى في النار إلا من وجب عليه الخلود، وحبسه القرآن، وهم الكفرة والملاحدة والمشركون ونحوهم.