للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إنكار المعتزلة للميزان]

أنكرت المعتزلة الميزان في الآخرة، وقالوا: لا يحتاج إلى الميزان إلا البقالون، والله تعالى ليس بحاجة إلى أن يزن وينصب الميزان، وفسروا الميزان في هذه الآيات بأنه العدل، فقوله: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ} يعني: العدل، {ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} يعني: نجح عندما يعدل بين الناس.

ولا شك أن هذا إنكار لخبر الله ولخبر رسوله، فالله تعالى ينصب الموازين ويظهرها حتى لا يكون هناك ظلم؛ ولأجل ذلك أخبر تعالى أن هذه الموازين يوزن فيها القليل والكثير، ففي هذه الآية في سورة الأنبياء: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا} [الأنبياء:٤٧] فأخبر أنهم لا يظلمون بمثقال خردلة، والخردل: شجر حبه أصغر من حب الدخن.

كذلك يقول تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه} [الزلزلة:٧-٨] المثقال: بمعنى: الوزن: أي: أنه سبحانه يحضر الأعمال صغيرها وكبيرها، حسنها وسيئها، وتوزن حتى مثاقيل الذر، فهذه الموازين حقيقة، وقد وردت في هذه الآية بالجمع: {ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف:٨] ، ولم يقل: ميزانه، {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ} [الأنبياء:٤٧] ، ولم يقل: الميزان، فدل على أن هناك عدداً، وأنها موازين كثيرة، يوزن لهذا ويوزن لهذا.