للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضمان ما أتلفته الدواب]

وقوله: (وإن ربط دابة بطريق ضيق ضمن ما أتلفته مطلقاً) .

وذلك لأن الطريق ليس ملكه، فإذا ربطها بطريق ضيق ضمن ما أتلفته مطلقاً.

وكذلك السيارات: لو أوقفها بطريق ضيق فعثر بها إنسان فتكسر أو شج وجهه، فإن صاحبها يضمن، وهكذا لو أوقفها في زاوية خفية فجاء سائق سيارة أخرى على غفلة فاصطدم بها فمات أو تحطمت سيارته، فإن صاحب السيارة الذي أوقفها يضمن أيضاً.

وذكر أن إنساناً أوقف سيارته في ظل، ثم إن طفلاً سقط من السطح على سطح تلك السيارة فمات، فضُمنه صاحب السيارة، ولعل هناك قرائن أيضاً سببت ضمانهُ.

وكذلك لو حفر بئراً أو حفرة في طريق ضيق وعثر بها إنسان فمات أو تكسر ضمن صاحب الحفرة؛ لأنه أخطأ بالحفر في هذا الطريق، أو أبقى فيه حجارة كالحجارة التي يبنى بها فسدت الطريق أو أكثره، فعثر بها إنسان فإنه يضمن.

وذكر الدابة كمثال -فقال: (إذا ربط دابة في طريق ضيق) وإلا فإنه يدخل ما يلحق بها.

وتكلموا أيضاً على ما تفسده الدابة من الحرث، وقد ورد في تفسير قول الله تعالى: {إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} [الأنبياء:٧٨] .

أن النفش هو الأكل منه ليلاً، فقالوا: إذا دخلت الدواب ليلاً كغنم أو بقر أو إبل أو حمر أو خيل في حرث، وأكلت منه، أو أفسدت الزرع -مثلاً- أو أفسدت البطيخ، فإن أهلها يضمنون؛ وذلك لأن عليهم حفظها بالليل؛ لأن عادة أهل الدواب أن يمسكوها ويحفظوها ليلاً، ولا يتركوها تعيث، فإذا لم يمسكوها ضمنوا ما أتلفته ليلاً، وأما في النهار فالعادة أن أصحاب الدواب يطلقون سراحها لترعى في النهار، إبلاً وخيلاً وغنماً، وأن أهل الحرث يحفظونه في النهار فيكونون حوله، فإذا غفلوا نهاراً عنه فلا ضمان؛ لأنهم تساهلوا بحراسة حرثهم.

ثم يقول: (وإن كانت بيد راكب أو قائد أو سائق ضمن جناية مقدمها ووطئها برجلها) وذلك لأن العادة أنه يتصرف في مقدمها، فإذا عضت إنساناً أو وطئته بخفها بمقدمها أو مؤخرها ضمن؛ لأنه يملك قيادتها، فإنه إذا كان يسوقها فإنه يصرفها هنا أو هنا، كذلك إن كان فيها خطام يقودها بالخطام، وكذلك إذا كان راكباً عليها، فالعادة أنه يحمل عصا وأنه يوجهها بالعصا من هنا ومن هنا.

فإذا كانت بيد راكب أو قائد يقودها بخطامها أو سائق خلفها يسوقها ضمن جناية مقدمها إذا عضت أحداً أو وطئته أو رفسته بيدها، ولا يضمن مؤخرها، فإذا نفحت بذنبها إنساناً فأصابت عينيه -مثلاً- أو وجهه، فلا غرم على صاحبها؛ لأنه لا يتصرف في مؤخرها، وكذا لو رمحته برجلها فلا ضمان على صاحبها.